مراكش: محمد نماد
للأسف ! لم تستطع مراكش إستثمار واستغلال وكذلك تحويل النجاح الذي تحققه في ميادين متعددة إلى مستقبل واعد وأكثر إشراقا، وتعاقبت على هذا المشروع الضخم جهويا واقليميا ثلاثة مجالس جماعية، و مع ذلك يواصل مشروع «مراكش الحاضرة المتجددة» إثارة مزيدا من الجدل .
المشروع الذي كلف ما يناهز سبعة ملايير درهم دون حصول أي تغيير ملموس في صورة المدينة الحمراء، حيث ما زالت الأشغال مستمرة بالرغم من الخروقات والاختلالات المسجلة في المشروع، الذي حددت دفاتر التحملات إتمامه مع بداية عام 2017.
ويقال هنا وهناك انه بالرغم من أن هذا المشروع كان الهدف منه تنمية مدينة مراكش، إلا أن المدينة تتخلف يوما بعد يوم، وتعود للتقهقر، كذلك المجتمع المدني يتسائل عن مآل المشروع الضخم الذي أطلقه الملك محمد السادس نصره في يناير 2014، والذي من شأنه الإرتقاء بالمدينة إلى مستوى الحواضر العالمية الكبرى .
لكننا بالعودة الى الإتفاقية و برنامج المشروع و المنجزات الناتجة عنه نجد أننا الآن في بداية سنة 2025 و بعض حيثيات البرامج لم يتم تنزيلها في حين أن المشروع ككل كان محدد تاريخ انتهاء أشغاله في نهاية سنة 2017 ، و كانت الغاية الملكية المتوخاة من المشروع هي إخراج المنطقة من الهشاشة والفقر، وجعل مراكش قطبا حضاريا يحقق التنمية البشرية المستدامة والمتوازنة و مواكبة النمو الحضري و الديموغرافي، وتعزيز الجاذبية الاقتصادية، ودعم مكانة المدينة كقطب سياحي عالمي، وتحسين بناياتها التحتية السوسيو- ثقافية والرياضية، وتطوير مؤشرات التنمية البشرية بها.
لكن الغاية لم و لن تتحقق لأن المشروع لم يكتمل و لم يأخد حقه في التنزيل و لم تستفد منه المدينة الحمراء.
و بإلقاء نطرة خاطفة على المشروع في خطوطه العريضة والذي رصدت له اعتمادات مالية تبلغ 3ر 6 مليار درهم (870 مليون دولار) على مدى أربع سنوات (2014- 2017)، تتكون محاوره و تهم تثمين الموروث الثقافي، وتحسين التنقل الحضري، والاندماج الحضري، وترسيخ الحكامة الجيدة، والمحافظة على البيئة.
اعتمادات المشروع خصصت مبلغ 25ر2 مليار درهم (270 مليون دولار) كاستثمارات مرتقبة في إطار المحور المتعلق ب “تحسين الاندماج الحضري”. وستوجه بشكل أساسي لإحداث بنيات صحية جديدة ومؤسسات تعليمية وفضاءات رياضية، إلى جانب تنمية الأحياء المهمشة.
وبالنسبة للشق الثقافي، يروم مشروع “مراكش.. الحاضرة المتجددة” إعادة تأهيل العديد من المآثر التاريخية وخاصة المسرح الملكي وأسوار المدينة وأبوابها التاريخية. كما تم رصد ما يقارب المليار درهم لترميم مؤسسات دينية وإعادة تأهيل ثلاثة أحياء بالمدينة العتيقة لمراكش.
كما سيتم الشروع في إحداث مدينة للفنون الشعبية، ومتحف للتراث اللامادي، ومعهد موسيقي، ومتحف الحضارة المغربية للماء.
وفي ما يتعلق بالتنقل الحضري، فقد رصد في إطار هذا المشروع غلاف مالي يقدر ب2ر1 مليار درهم (حوالي 150 مليون دولار) للنهوض بمجال النقل العمومي وإحداث مسالك جديدة وتحسين ولوجيات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
من جهة أخرى، تم تخصيص 26ر1 مليار دولار (150 مليون دولار) لتعزيز حماية المدينة الحمراء من خطر الفيضانات وتحسين شبكة التطهير السائل ونقل المطرح العمومي.
أما في القطاع السياحي، فقد تم إحداث الصندوق الجهوي للترويج السياحي رصد له غلاف مالي يصل إلى 400 مليون درهم (حوالي 50 مليون دولار) من أجل تعزيز النقل الجوي والتواصل وتوسيع الإشعاع الإعلامي للتظاهرات الثقافية التي تحتضنها المدينة كل سنة على غرار المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ومهرجان مراكش الدولي للضحك.
وسيسهم هذا الصندوق من خلال أنشطته المتعددة في الرقي بالقطاع السياحي بالمدينة خلال السنوات المقبلة، كما سيمكن المدينة من الوسائل والامكانيات الكفيلة بتحقيق طموحاتها في هذا المجال.
وفي هذا السياق، وفي إطار رؤية مستقبلية تطمح المدينة إلى بلوغ 5 مليون سائح وتوفير 50 ألف سرير إضافي للوصول إلى 100ألف سرير مع إحداث الاف منصب شغل مباشر وتحقيق عائدات تقدر ملايين الدراهم .
من جهة أخرى، فإن إحداث هذا الصندوق يأتي بعد التوقيع على عقد البرنامج الجهوي للتنمية السياحية لهيكلة المنطقة السياحية “مراكش الأطلسية” بغلاف مالي إجمالي يصل إلى 3ر20 مليار درهم موجهة لإنجاز العديد من المشاريع الرامية إلى تطوير المنتوج السياحي على مستوى هذه الجهة.
وستشرع الجهة تفعيلا لتموقعها وتحقيقا لأهداف النمو ويتعلق الأمر ب”مخطط بلادي” و”المخطط الأزرق و”التنمية البيئية / التنمية المستدامة” و”التراث والموروث” و”التنمية المحلية ذات قيمة إضافية عالية”.
وحسب بعض المعطيات، فقد تم حصر 102 مشروعا من قبل الأطراف المعنية لتطوير المنتوج على مستوى الجهة ضمنها 16 مشروعا مهيكلا و86 مشروعا تكميليا من شأنها إثراء وتنويع نسيج العرض السياحي الجهوي.
ويتطلب تطبيق مخططات العمل المتعلقة بهذه المشاريع غلافا ماليا إجماليا بقيمة 3ر20 مليار درهم سيتحمل فيها القطاع الخاص نسبة 67ر92 في المائة.
وتعكس هذه المشاريع ،على اختلافها، رؤية ملكية تتوخى مواكبة التنمية الحضرية والنمو الديموغرافي بالمدينة الحمراء وتعزيز جاذبيتها على المستوى الاقتصادي وتقوية مكانتها كقطب سياحي عالمي ، فضلا عن تعزيز البنيات التحتية السوسيو – ثقافية والنهوض بمؤشرات التنمية البشرية، والتطلع بذلك إلى مستقبل واعد.
اخير سكان مراكش يتمنون الإسراع وانجاز ما تبقى من مشروع الحاضرة المتجددة قبيل فعاليات التظاهرات المستقبلية حتى تبدو مراكش الحمراء كما تغنى بها رواد الغناء والطرب كً “وريدة بين النخيل”.
Copyright © 2024