إعادة تدوير للفشل وذبح للديمقراطية..؟

    بقلم: محمد الطالبي-

أثار تعيين أغلب أعضاء اللجنة المؤقتة من قيادات المجلس الوطني للصحافة السابق، المقبور عن سبق إصرار وترصد، تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة، خاصة بعد فشلهم في تنظيم انتخابات المجلس الجديد.

وبغض النظر عن السؤال الكبير حول شرعية هذا التعيين ومصداقيته والأسس القانونية التي استند إليها، فإن إعادة نفس الأسماء التي قادت مرحلة الفشل يطرح علامات استفهام حول النوايا الحقيقية للإصلاح.

الطريقة التي أعيدوا بها تمثل خروجًا صريحًا عن المنهجية الديمقراطية، خصوصًا بالنسبة للذين انتُخبوا ممثلين لمؤسسات بعينها بشكل حر وشفاف، ليعودوا بعدها بما كانوا يرفضونه سابقًا.

شخصيًا، ساندت بصمت تعيين اللجنة لسبب وحيد هو الالتزام أمام مؤسسة النقابة التي أنتمي إليها (النقابة الوطنية للصحافة المغربية)، والتي تنازلت من أجل التغيير، ولا شيء غير التغيير في قوانين الصحافة والنشر وقانون الصحفي المهني وكذا القانون المحدث للمجلس الوطني. اليوم، وبصدق، وكما تقول الأغنية الشهيرة: “وسط الواد أبابا حسينا بالخديعة”. فقد ظهر جليا أن الأمر مجرد مكسب لأشخاص ومغانم وامتيازات، بينما المهنة التي تجمعنا، وكل ما يتعلق بها، بقيت خارج الاعتبار.

كل الجهد الذي صرف فيه المال العام انصبّ على كيفية إعادة العناصر الفاشلة لقيادة المجلس لسنوات وتبقى متحكمة في دواليب الصحافة ومؤسساتها، التي أراد الدستور بها خيرًا. وقصة “مشروع التعيين” الذي رفضه البرلمان وسُحب تعد علامة دالة على وجود خلل. وقلة قليلة تحاول استغباء الجميع.

إن التحضير لسنوات قبل انتخاب المجلس الوطني للصحافة لم يمنع من الوقوع في أزمات تنظيمية، وما
التمديد لسنة إضافية بعد انتهاء ولاية المجلس، ثم تشكيل لجنة مؤقتة بسنتين إضافيتين، إلا دليل على غياب رؤية واضحة للإصلاح.

إن استمرار البناء بنفس الأسماء يعزز الجمود ويُضعف الثقة في قدرة اللجنة على تجاوز النهج التقليدي، ووضع خارطة طريق واضحة ومحددة، وإشراك كفاءات جديدة، تساهم في تحقيق الإصلاح المنشود، إن ما يتم تنفيذه اليوم من مجزرة في لجنتي البطاقة والوساطة والتحكيم لا يبشر بخير، بل يضع كل الخطوات القادمة موضع شك لوجود شبهة تصفية الحسابات خارج القانون.

إن المغامرة بترك عناصر تصفي حساباتها باسم المجلس الوطني عبر”لجنته المؤقتة”سيضع أفق الإصلاح الحقيقي موضع شك، المطلوب اليوم إرادة سياسية واضحة لحماية خطوة الإقلاع بالصحافة ببلدنا ، دون ذلك، سيبقى الحديث عن الإصلاح مجرد تبرير لإطالة أمد الأزمة، وإعادة إنتاج الفشل بدلًا من معالجته.

Copyright © 2024