ذ. المعانيد الشرقي ناجي-
تكاد الأيام القليلة المنصرمة تكون عنوانا للجريمة والإجرام في مغرب يسارع ضد الركود الاقتصادي ويحاول جاهدا أن يحرك عجلة التقدم نحو الأمام ضمن حركة زمنية متسارعة لمقارعة الكبار وعمالقة الاقتصاد. إلا أننا نفاجئ كل يوم بأفعال إجرامية تفرمل هذه الحركة والدينامية الاقتصادية التي تعرفها مددنا المغربية ولو بشكل متفاوت. وضمن هذه الأفعال الإجرامية التي نمقتها من الجذور كما يرفضها كل ذي عقل سليم، هي التي عرفتها مدينة خريبكة عاصمة الفوسفاط.
استيقظ سكان مدينة خريبكة قبل يومين على جريمة نكراء تمثلت في إضرام النار في مقهى أديب الكائن بحي الفردوس، فضاء جميل يحج إليه كل باحث عن السكينة والسلام، من طلبة وأساتذة وموظفين وغيرهم من كل المشارب، يجدون فيه الفضاء الملائم للراحة والقراءة..
إلا أن هذا الفضاء كان مسرحا لجريمة نكراء، أبى أصحابها إلا أن يعكروا صفوه ويزرعون الرعب في جنباته بإضرام النار في كل محتوياته، والصور التي سنرفقها بهذا المقال ستكون خير معبر عن حجم الخسائر التي لحقت به.
ولحسن الحظ، أن فضاء المقهى مزود بكاميرات حديثة الصنع، حيث التقطت صورا لمرتكبي هذا الفعل الإجرامي المقيت، حتى يُقدموا للعدالة لتقول فيهم كلمتها، درءا لمسألة العَود، بالضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه إلحاق الأدى بممتلكات الغير الخاصة والعامة. وليست المقاربات الأمنية بهذا الخصوص وحدها كافية للحد من مثل هذه السلوكات الإجرامية، فلا بد من مقاربات أخرى احترازية تتكاثف مع الطرق الأمنية الزجرية لمجابهة الجناة والمجرمين وملاحقتهم بالمنسوب إليهم. ولعل من بين هذه المقاربات، التوعية الاجتماعية وتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال ندوات توعوية ويُستحسن أن تكون داخل فضاءات المقاهي لتلامس كل الفئات الاجتماعية وتعزيز ذلك بأمثلة من واقعنا المعيش، بإدماج حالات بعينها عبر الوسائط السمعية البصرية عبر بسط لوحات تستهدف الفعل الإجرامي والعنف بشتى أشكاله.
وللمزيد من الانخراط في مجتمع متماسك متشبع بثقافة الاختلاف، يبدو أن الأمر يفرض بإلحاح رفع حالات اليقظة داخل التجمعات كيفما كانت طبيعتها والكشف عن توجهاتها الإيديولوجية وانتماءاتها المختلفة لمحاصرة أي فكر متطرف يريد النيل من قيم الإبداع والفن والتضامن والسلام..
إن هذا الفعل الإجرامي الذي لحق فضاء مقهى أديب، لم يستهدف ممتلكات الفضاء فحسب، ولأن مالكته امرأة، فقد استهدف العنصر النسوي المستثمر في المدينة ذاته، لذلك نقول من جانبنا، أن الحقيقة المرة التي نعيشها داخل مجتمع ذكوري يكن للمرأة العداء، لهو عين التطرف والعداء المقيت. هؤلاء الجناة، ينالون من المرأة بكيفيات تطرفية لعينة، ويستهدفونها بشكل غير مقبول البتة، فكيف يمكننا تشجيع المرأة على الانخراط في الاستثمار إلى جانب الرجل باعتبارهما شريكين في التنمية مع وجود عقليات متخلفة كهذه؟
إن العقل الذكوري دائما يزرع البؤس والعداء والعنف بكل أشكاله ضمن النسيج الاجتماعي النسوي، ولم يَفهم بعدُ بأن المجتمعات التي أخذت قصب السبق في مجال التنمية، قطعت مع هذه العقلية الذكورية بشكل جذري، وأولت اهتمامها بالتنمية بغض النظر عن من ينخرط فيها أكان ذكرا أم أنثى، والحال أن الدول التي تقدمت حاربت العقليات الذكورية ونسجت مقاربات جدية ينصهر فيها الرجل والمرأة من أجل الصالح العام ومن أجل رقي مجتمعنا والدفع بعجلة التقدم إلى الأمام.
Copyright © 2024