✍ جواد ابن كيران
في مثل هذا اليوم من سنة 1994، فقدت والدي، رحمه الله، فصار هذا الموعد علامة حزن لا تغيب، وذكرى خالدة في الوجدان.
واليوم، وبعد ثلاثين سنة بالتمام و الكمال ، يعود 14 ماي محمّلاً بفجيعة جديدة:
أولمبيك خريبكة يسقط إلى قسم الهواة.
الفريق الذي أحببته، وخدمته بصدق ، ووهبت له سنوات من عمري في صمت ووفاء،
يسقط لا لضعف في رجاله، بل لضعف في من تسيّدوا القرار…
يسقط لا بفعل المنافسين، بل بفعل من وضعوا العصى في عجلاته،
من الداخل.
أعتذر…
أعتذر لكل مشجع، لكل غيور، لكل طفل نام باكيًا على نكسة لا يستحقها،
أعتذر… رغم أنني كنت ضحية مثلهم،
أُقصيت، همّشوني، شككوا في نواياي، وسكتُّ…
ليس ضعفًا، بل احترامًا لعقد لا يزال ساريًا، ولبيت تمنّيت أن يحتضنني بدل أن يُقصيني.
ما جرى ليس صدفة…
بل نتيجة تراكمات وتصفية حسابات، وهواية في العبث بمؤسسةٍ لها من التاريخ ما يجعلها أمانة لا مغنمًا.
أشباه مسيرين…
تعاركوا في المحاكم بدل أن يتصارحوا في المكاتب،
تنازعوا في الجموع العامة بدل أن يتوحدوا حول مشروع،
تبادلوا الاتهامات ، بينما الفريق يتهاوى كحائطٍ هشّ،
يتحدثون عن الحكامة، وهم لا يفرقون بين محضر رسمي ومنشور فيسبوكي.
ثم جاءت الضربة القاتلة:
قرار جائر بتقليص المنحة، لا تفسير له إلا الرغبة في الخنق…
قرار من جهةٍ كان يُفترض أن تكون الراعي والداعم،
فأصبحت القاضي والجلاد،
خفضوا الدعم، ألغوا المكتسبات، نزعوا الاسم من القميص، قطعوا وسائل النقل، أجهزوا على السكن،
وفتحوا الأبواب لدخلاء لا يربطهم بالنادي إلا الطموح في الوجاهة.
نال نصيبه من الجلاد المتسلط ……
من خنق الفريق؟
من عطّل نبضه المالي؟
من سمح للفوضى أن تصبح قاعدة؟
ومن صمت عن العبث حتى صار الفشل قدرًا؟
من نخر الهيكلة و شكك فيها رغم أنها نموذجية ؟
من عطل الإدارة و عوضها باللاكفاءة !!!
من جهز لثقب في العين بيده ؟
أنا لا أملك سلطة المحاسبة، لكنني أملك الشجاعة للسؤال، والجرأة على الكلام.
أعرف حدود عقدي ، لكن الرجولة لا تُختصر في أوراق…
بل في الموقف، في الوفاء، وفي قول الحق.
اشتغلتُ في صمت، قاومت في الظل، رافقت الفريق حتى وأنا على كرسي متحرك و عكاز عاجز ، الوحيد الذي ترك زوجته في المستشفى و …و …و ….و….
لم أهرب، لم أبتز، لم أبتعد…
و لم ألجأ للنظارات عكس ابنائه…..
واليوم لا أتكلم بصفتي مسؤولًا، بل بصفتي غيورا لهذا النادي، موجوعًا من خذلان الداخل قبل قسوة الخارج.
أولمبيك خريبكة ليس مجرد نادٍي …
بل ذاكرة جماعية، متنفس مدينة، مدرسة للوفاء.
ومن الظلم أن يُختصر تاريخه في وجوه لا تعرف عنه شيئًا،
وجوه تقرر وتفشل، ثم تهرب من المحاسبة و تفر كالفئران الفارة ……..
نعم، سقط الفريق،
لكن الذنب ليس ذنب من اشتغل بصدق، بل من قرر بجهل.
ليس ذنب من حافظ على المبادئ، بل من جعل الولاء للأشخاص فوق مصلحة النادي.
ورغم كل شيء، سنبقى أوفياء…
للنادي، للمدينة، للتاريخ…
وسنكتب، ونوثّق، ونقول الحقيقة، لا انتقامًا من احد ، بل أملًا في ألا يتكرر هذا المشهد المهين.
اللهم إني قد بلّغت…
وسأعود أخيرا ، إلى يومٍ مفصلي:
06 نونبر 2022… بلاغ الإقالة الوهمي،
والتهمة الجاهزة: “الخطأ الجسيم”،
عبارة قُذفت جزافًا، دون سند ولا مسطرة،
وسأعود إلى تدوينتي حينها: “لكل مقام مقال”…
وقد حان المقال…
وحان وقت الحقيقة.
لنا عودة…
ليس بالكلام فقط……..
لأن الصمت بعد اليوم، خيانة.
الله ياخد الحق
Copyright © 2024