نجيب مصباح-
في إطار سعيه إلى سد الخصاص الكبير الذي يعاني منه قطاع الصحة، شرع المغرب في تنفيذ استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد تهدف إلى الرفع من عدد مهنيي الصحة إلى 45 لكل 10 آلاف نسمة بحلول سنة 2030، مقابل 17.4 فقط سنة 2022، وذلك وفق ما أكده وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي.
الوزير أوضح، في جواب كتابي بمجلس النواب، أن النقص الحاد في الأطر الصحية يعود إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف جاذبية القطاع العام، وتنافسية السوق الدولية في استقطاب الأطر الصحية، إلى جانب التوزيع الجغرافي غير المتوازن، ونفور عدد من الأطباء من العمل في المناطق القروية والنائية.
تحفيزات لاستقطاب الأطباء الأجانب
وفي سياق معالجة هذا الخصاص، أشار الوزير إلى دخول القانون رقم 33.21 حيز التنفيذ، والذي يسمح للأطباء الأجانب بمزاولة المهنة في المغرب، مشددًا على أن المملكة تستقبل حاليا 580 طبيبا أجنبيا، مع توقعات بزيادة هذا الرقم خلال السنوات المقبلة، في إطار سياسة استقطاب الكفاءات الطبية العالمية، لا سيما في التخصصات التي تعرف خصاصا ملحوظا.
استثمارات تفوق 3 مليارات درهم
ووفق الوزير التهراوي، تتجاوز الكلفة الاستثمارية للبرنامج الصحي الوطني حاجز 3 مليارات درهم، وتشمل تحديث البنيات التحتية، وتأهيل الموارد البشرية، وتعزيز التكوين المستمر والتدريب المهني.
توسيع طاقة التكوين الطبي
كما شهد عدد المقاعد البيداغوجية المخصصة لولوج كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان ارتفاعًا بنسبة 88% سنة 2024 مقارنة بسنة 2019، على أن يتم رفع هذا الرقم إلى 7543 مقعدًا بحلول 2027.
أما في قطاع التمريض وتقنيات الصحة، فقد ارتفع عدد المقاعد في سلك الإجازة بنسبة 206% سنة 2024 (8.360 مقعدًا)، في حين بلغت نسبة النمو في سلك الماستر 353% مقارنة بسنة 2020، مع هدف بلوغ 11.900 مقعدًا بيداغوجيًا سنة 2029.
توظيف لا ممركز لتعزيز الجاذبية الجهوية
ولتعزيز الجاذبية الجهوية، قررت الوزارة تفويض تنظيم مباريات التوظيف للمصالح اللاممركزة منذ سنة 2020، ما مكن من تكييف عملية التوظيف مع خصوصيات كل جهة. كما يجري العمل على رفع المناصب المالية المخصصة لتوظيف الأطر الصحية من 4000 سنة 2019 إلى 6500 منصب مرتقب سنة 2025.
برنامج طبي جهوي وتوزيع عادل للكفاءات
وفي الاتجاه ذاته، تم اعتماد البرنامج الطبي الجهوي الذي يهدف إلى تحسين توزيع الكفاءات الطبية داخل الجهات وضمان حركيتها بشكل مرن، بما يضمن استقرارها في المناطق النائية وتغطية شاملة للخدمات الصحية الأساسية.
آفاق بحث علمي وتكوين عالي
الوزارة تعمل أيضًا على إطلاق 16 فريق بحث و4 مختبرات بسلك الدكتوراه في المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، في خطوة نحو تعزيز الابتكار والبحث العلمي في المجال الصحي.
خلاصة
تشكل هذه الاستراتيجية الصحية متعددة الأبعاد محاولة جادة لإعادة هيكلة الموارد البشرية في القطاع الصحي، وتحقيق التوازن في توزيع الخدمات، وصولًا إلى منظومة صحية وطنية أكثر عدالة وجودة واستدامة، متماشية مع المعايير الدولية وأهداف التنمية المستدامة.
Copyright © 2024