🗞️ حوار مع الصحفي عبد الله الفادي حول: «صمت مؤسسة المنخرط وأزمة أولمبيك خريبكة»

الفادي: الفريق دُمّر بـ«لائحة رد الإعتبار» والمنخرطون في سبات عميق

أجرى الحوار : نجيب مصباح-
في ظل واحدة من أحلك اللحظات التي يمر بها نادي أولمبيك خريبكة، وبعد السقوط المؤلم إلى القسم الوطني هواة، تكثر الأسئلة وتتصاعد الأصوات المطالبة بالمحاسبة والوضوح. وبين صمت المؤسسات المعنية وغضب الجماهير، ارتأينا في جريدة «التميز ميديا» الالكترونية، فتح نافذة حوارات صريحة ومباشرة مع مختلف المكونات والمتداخلين، سواء عبر البث الرقمي المباشر أو مكتوبة، واليوم نلتقي مع أحد أبرز الأقلام المتابعة للشأن الرياضي المحلي، الإعلامي عبد الله الفادي.

في هذا الحوار، لم يجامل الفادي الواقع، بل اختار أن يسلط الضوء على مكامن الخلل، متحدثا بجرأة عن «الانهيار الشامل» الذي يعرفه النادي، وعن «صمت القبور» الذي خيم على مؤسسة المنخرط، ودور المكتب المسير، ومسؤولية المكتب الشريف للفوسفاط، وكذا الاتهامات المتبادلة داخل أسوار النادي.
هي لحظة حاسمة، كما وصفها ضيفنا، تتطلب المواجهة لا التبرير، والمحاسبة لا الصمت. إليكم نص الحوار كاملا:

التميز ميديا:
أستاذ عبد الله، نبدأ معك بسؤال مباشر: كيف تصف الوضع الراهن لنادي أولمبيك خريبكة بعد نزوله إلى القسم الوطني هواة..؟
عبد الله الفادي:
بكل صراحة، نحن نعيش واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ هذا النادي العريق. النزول إلى القسم الوطني هواة ليس مجرد سقوط رياضي، بل هو نتيجة تراكمات كارثية في التسيير والتدبير. أعتبره، بكلمة واحدة، «انهيار شامل» لكل المنظومة، بدليل التهاوي السريع، فقبل سنتين فقط كان لوصيكا في القسم الاحترافي الأول، والآن بالهواة. وكل المؤشرات الحالية، وطريقة التعامل مع الأمور، تؤكد – لا قدر الله – أن القادم هو مواصلة النزول.
سنوات طويلة ونحن، ومعنا كل الغيورين، ندعو إلى تصحيح الاختلالات، لكن لا حياة لمن تنادي. هناك من أصبح يتعامل مع الأمور بمنطق «مول الفيرمة»، يفعل ما يريد وفق مزاجيته، ومن قام بدوره في التوجيه والانتقاد يصبح «مشوشا» ومحاربا لهم.

التميز ميديا:
في مقالك الأخير، وجهتَ انتقادات شديدة لمؤسسة المنخرط. ما السبب في هذا الهجوم القوي..؟
عبد الله الفادي:
ليس هجومًا، بقدر ما هو نداء للضمائر التي نتمنى أن تستفيق من سباتها وتقوم بالأدوار التي يخولها لها القانون. مؤسسة المنخرط، التي من المفترض أن تكون العين الساهرة على مصالح الفريق، ظلت في صمت مطبق طيلة هذه الأزمة، اللهم بعض التحركات الخفيفة من أسماء معدودة على رؤوس الأصابع، والتي لم تغيّر شيئًا من واقع الحال.
ودعني أذكّرك بما كان يحدث من طرف بعضهم، وليس كلهم، خلال الجموع العامة في السنوات الأخيرة، حيث انغمسوا في تصفية الحسابات الشخصية على حساب المصالح العامة للنادي.
مؤسسة المنخرط هذه تتحمّل نصيبًا مهمًا من زلزال الهبوط للهواة.
الغريب، أنه بعد أن فقد الفريق مكانته مع الكبار، لم نرَ من هذه المؤسسة أي توضيح، ولا تحليل، ولا حتى اجتماع، أو رد فعل على ما يُقال عنها من الجماهير أو الإعلام، أو حتى من داخل بيتها من طرف بعض أعضائها. هذا الصمت لم يعد مقبولًا، بل أصبح مخيفًا ومحيرًا.

التميز ميديا:
لكن قد يُقال إن دور المنخرط محدود، وأن المسؤولية الأكبر تقع على المكتب المسير. ما ردكم؟
عبد الله الفادي:
هذا كلام مردود عليه. المنخرط ليس ديكورًا أو مجرد توقيع على الحضور في الجموع العامة، بل هو عنصر أساسي في التوازن الداخلي للنادي، وعليه واجب التوجيه والرقابة والمحاسبة. زد على ذلك، أنه هو القاعدة التي تُفرز المكاتب المسيرة.
صمته اليوم نخشى أن يكون تواطؤًا أو عجزًا، وفي الحالتين الخاسر الأكبر هو الفريق.
ودعني أذكّرك، أخي نجيب، بالجمع العام الأخير الذي عُقد والفريق يعاني في الصفوف الأخيرة، ويتمرّغ في مشاكل بالجملة.
بدل أن يعمل هؤلاء على الوقوف على كل الاختلالات ومناقشتها بجدية، والخروج بالحلول الصائبة والعاجلة لإنقاذ الفريق من النزول، وهو أمر كان سهلًا وبدون مبالغة، اختاروا عكس ذلك. في جلسة لم تتجاوز 20 دقيقة، تم التداول في تقريرين ماليين لموسمين متواليين، أحدهما يعود لمكتب جاجيلي الذي أنزل الفريق إلى القسم الثاني، وتمت المصادقة عليهما، ثم غادرت الأغلبية من الباب الخلفي لقاعة الأشغال. عندها، أدركنا أن موعد النزول قد حل.

التميز ميديا:
ذكرتَ وجود اتهامات داخلية موجهة لبعض المنخرطين. هل لك أن توضح ذلك؟
عبد الله الفادي:
بالفعل، الشارع الرياضي الخريبكي، ومعه بعض الأقلام، يوجه اتهامات لهؤلاء بالتهاون، وخضوع البعض للتحكم في القرارات، وعدم الاستقلالية.
بل إن بعض هذه الاتهامات صدرت من داخل المؤسسة نفسها. وهنا أحيلك مجددًا إلى البلاغ الرئيسي الصادر من مؤسسة المنخرط، والذي يطرح سؤالًا كبيرًا حول شفافية أداء هذه الهيئة، التي بضعفها، تعطينا مكاتب هجينة.

التميز ميديا:
ما الذي تطالب به الآن من مؤسسة المنخرط، إن وُجدت بالطبع؟
عبد الله الفادي:
هي ليست مطالبة، بل تذكير بواجب مفروض عليهم أمام الجمهور والتاريخ، ومن ذلك عقد جلسة طارئة لمناقشة ما جرى، والخروج بتوصيات عاجلة وحاسمة. أعتقد أن في مقدمتها المطالبة بعقد جمع عام غير عادي لإقالة المتسببين في الهبوط، خاصة مكتب “لائحة رد الاعتبار” التي أصبح يُطلق عليها “لائحة الإقبار”، وفتح تحقيق شفاف، وافتحاص للمالية، خاصة بعد التصريحات النارية للرئيس السابق للشركة الرياضية منذر سهامي.

التميز ميديا:
هل ما زال هناك أمل في استرجاع المنخرطين لدورهم الحقيقي؟
عبد الله الفادي:
كنا دائمًا نطالب بانخراط أهل المال والخبرة والأطر العليا، ولا عيب في استقطابهم وإقناعهم، وهذا تفعله كبار الفرق، منها من تستقدم منخرطين من خارج مدنها لكفاءتهم، ومع الوقت يتولون الأمور.
الأمل لا يُفقد، لكن ما تبقّى هو الفرصة الأخيرة. إن لم يتحركوا الآن، في خضم هذا الانهيار غير المسبوق، فمتى سيكون ذلك؟
كما قلت سابقًا، لا نطالبهم بالمعجزات، فقط بأن يثبتوا أنهم موجودون، وقادرون، ويغارون على الفريق، ويتحمّلون مسؤوليتهم أمام الله، والمدينة، والجمهور.

التميز ميديا:
في إحدى تدويناتك، وصفتَ الصمت المحيط بالنادي بعد النزول بـ”صمت القبور”. هل هذا وصف تعبيري فقط أم ترى فعلًا أن هناك حالة من الاستسلام داخل محيط أولمبيك خريبكة؟
عبد الله الفادي:
الوصف ليس مبالغة، بل هو انعكاس لحالة حقيقية. نحن اليوم لا نتحدث فقط عن إخفاق رياضي، بل عن سقوط تسييري وأخلاقي كذلك للبعض.
النادي نزل إلى قسم الهواة، وهناك من تقبل الأمر ببرودة دم، ولا يريد أن يفهم أنه هدم صرحًا عظيمًا بُني على أكتاف الرجال طيلة عقود. وصدق أو لا تصدق، هناك من يعتبر كل من يتحدث عن هذا الواقع متآمرًا ومشوشًا وله أطماع خاصة.
والمحير أن يعقب ذلك كله صمت الجهات المسؤولة، وهذا أمر خطير.
السؤال الذي طرحته في تدوينتي، وكذلك في مقالة منشورة، كان واضحًا ومن غيرة وهمّ نحمله منذ سنوات طويلة، هل هو صمت الاستسلام، أم بداية لعاصفة قادمة؟
وأتمنى أن يكون الجواب هو الثاني، أي عاصفة التغيير والإصلاح والمحاسبة، وانخراط مؤسسات رسمية في الحل، خاصة السلطات المحلية وإدارة OCP.

التميز ميديا:
هل تعتقد أن الجماهير الخريبكية فقدت الثقة تمامًا في إدارة النادي، والشركة، والمنخرطين؟
عبد الله الفادي:
هذا لا يحتاج لا مني ولا من غيري الجواب. فالجميع يطالبهم بالرحيل، والتأخر في ذلك سيكون على حساب الموسم القادم.
الجماهير قالت كلمتها، خاصة فصيل “الغرين غوست” خلال كل الوقفات الاحتجاجية السلمية، وهي اليوم لا تؤمن بالبيانات الإنشائية ولا بالبلاغات الفارغة، لقد ملّ الخريبكيون من الشعارات الخشبية والتبريرات المستهلكة.
ما يطالبون به الآن هو المحاسبة، والناس تريد أن تعرف كيف صُرفت الميزانيات، وكيف انتهى فريقهم بهذا الشكل المهين.

التميز ميديا:
ذكرتَ وجود تصريحات من رئيس سابق لشركة النادي تحوي اتهامات خطيرة. هل ترى فيها بداية لتحرك قضائي أو تحقيق رسمي؟
عبد الله الفادي:
ما صرّح به الرئيس السابق لشركة “أف سي خريبكة”، ليس مجرد رأي شخصي عابر، بل هو تفجير لقنابل حقيقية.
حديثه عن اختلالات مالية وتسييرية خطيرة ليس بالأمر السهل، ويجب أن يؤخذ على محمل الجد.
إذا لم يتم فتح تحقيق شامل ومستقل، فسنكون أمام فضيحة صمت جماعي.
لا بد من ظهور الحقيقة: إما أن سهامي لم يكن صادقًا، وهذا إساءة لهم ولذممهم، ومن الواجب الانتصار لهم، أو أنه قال الحقيقة، ويلزم العقاب.
وكيفما كان، المسؤولية في بلادنا مرتبطة بالمحاسبة.

التميز ميديا:
أين ترى دور المكتب الشريف للفوسفاط في كل هذا؟ وهل ترى أن له مسؤولية مباشرة؟
عبد الله الفادي:
السؤال هنا كبير ومشروع. المكتب الشريف للفوسفاط ليس فقط مستشهرًا وممولًا، بل شريك مؤسساتي، وربما أكثر من ذلك، لكونه من أسّس هذا الفريق، وهو “ابنه الشرعي” الذي لا يجب أن يتخلى عنه.
ما يُطرح اليوم في النقاشات: أين المتابعة؟ أين الرقابة من طرف إدارة التراب؟ هل ما تحقق يتماشى مع عقود الأهداف والدعم المالي السنوي الكبير؟
الجماهير بدأت تربط بين ما يحدث وغياب المساءلة من طرف إدارة الفوسفاط نفسها، وهذا أمر لا يجب أن يكون، وخطير إذا استمر.

التميز ميديا:
في الختام، ما رسالتك الأخيرة لكل من يتحمّل جزءًا من مسؤولية هذا الانهيار؟
عبد الله الفادي:
رسالتي واضحة، اللحظة لحظة محاسبة، لا تبرير.
لا يمكننا أن نواصل ترديد مقولات “نسينا ونمشيو لقدّام”. هذا الفريق رمز للمدينة، ومصيره ليس ملكًا لأحد.
من أوصلوا الفريق إلى هذا الدرك لا يمكن أن ينجوا بالصمت.
وإذا كانت مؤسسة المنخرط لا تقوى حتى على عقد جلسة طارئة أو إصدار موقف، فلتنسحب وتُفسح المجال لمن يملك الجرأة على المواجهة.
وإذا كان الصمت هو كل ما تقدمه في وقت الكارثة، فأسأل: ما الجدوى من وجودها؟

كلمة أخيرة؟
عبد الله الفادي:
شكرًا لجريدة “التميز ميديا” على القيام بواجبها المهني بكل مسؤولية، وعلى فتح هذا النقاش الصحي مع كل المتداخلين، من أجل شيء واحد، عودة أولمبيك خريبكة للمكانة التي تليق بثقله في الساحة الرياضية الوطنية.
أدعو السلطات المحلية، وإلى جانبها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، إلى سرعة التحرك من أجل إيجاد الحلول التي من شأنها إنقاذ لوصيكا من الموت، وفرض هذه الحلول والإشراف عليها.
دون نسيان أن المحاسبة هي بداية الانعتاق.

Copyright © 2024