خريبكة.. مواطن يتهم “OCP” بالتعسف في ملف تعويض عن ممتلكات فوق أرض نزعت ملكيتها

✍️ نجيب مصباح –

عاد ملف التعويضات المرتبط بنزع الملكية لصالح المجمع الشريف للفوسفاط (OCP) بمنطقة خريبكة إلى الواجهة، بعدما وجهت إدارة المنصة الجهوية للتعدين بالمدينة مراسلة إلى المواطن عادل دهان، ترفض فيها منحه تعويضا مستقلا عن مشتملات أقيمت فوق عقار كان في ملكية والده وعمه قبل أن تنزع ملكيته لفائدة المجمع سنة 2009.

بين تجاهل الإدارة وتدهور صحة زوجته.. فوسفاطي يطالب إدارة التراب بإنصافه وتعويضه

وجه المواطن عادل دهان، القاطن بدوار أولاد بوعزة بجماعة المفاسيس التابعة لإقليم خريبكة، شكاية رسمية إلى مدير المكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة، يطالب من خلالها بفتح تحقيق في ملف نزع ملكية منزله دون تسوية قانونية، وما ترتب عن ذلك من تدهور لوضعيته الاجتماعية والصحية، خاصة في ظل الظروف الصحية الصعبة التي تمر بها زوجته.

وأوضح المعني بالأمر، في شكايته المؤرخة بتاريخ 3 يونيو 2024، أن مصالح الشؤون العقارية والقانونية بالمكتب كانت قد قامت، بتاريخ 27 دجنبر 2022، بأخذ قياسات منزله في أفق نزع ملكيته، حيث تم إخباره لاحقا من قبل السلطات المحلية بإدراج العقار ضمن لائحة الأملاك المنزوعة الملكية.

وأضاف السيد دهان أن هذا الوضع اضطره إلى اكتراء منزل بمحيط مدينة خريبكة، يفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم، ما انعكس سلبا على الحالة الصحية لزوجته التي تعاني من أمراض مناعية خطيرة، ازدادت سوءاً بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من مغسلة مجاورة ولدغ الحشرات.

وأشار المتحدث إلى أنه يعيش على دخل محدود، ولم يعد قادرا على تغطية تكاليف الكراء والعلاج في الوقت ذاته، خاصة في ظل غياب أي تعويض أو تسوية من الجهة المعنية، رغم توجهه المتكرر إلى مصالح الشؤون العقارية بالمكتب، التي لم تقدم – بحسبه – سوى ردود شفهية متكررة من قبيل: “سير حتى تجي”، مرفقة أحيانا بـ”أساليب استفزازية“.

وأمام هذا الوضع المقلق، التمس المواطن من إدارة المكتب الشريف للفوسفاط، وعلى رأسهم الرئيس المدير العام مصطفى التراب التدخل العاجل، من خلال فتح تحقيق نزيه، وتكليف لجنة مختصة بمعاينة حالته الاجتماعية والصحية والوقوف على تفاصيل الملف قصد تسويته في أقرب الآجال، مؤكداً أن جميع الأبواب التي طرقها لم تسفر عن أي نتيجة.

ويأمل المشتكي أن يجد ملفه آذانا صاغية لدى المسؤولين لإنصافه وتمكينه من حقوقه القانونية، في ظل ما يعانيه من ضيق مادي ونفسي متزايد.

 تملص الإدارة وغموض في معالجة القضية 

ورغم أن دهان كان قد تقدم بطلب رسمي في أكتوبر 2024، مدعوما بمراسلة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مطالبا بتعويضه عن منزل تقليدي وأشجار وأغراس فوق الأرض التي يعتبرها محل استغلال عائلي منذ عقود، فإن الرد الصادر عن إدارة المجمع كان قاطعا، مشيرا إلى أن المعني لا يملك حق المطالبة بالتعويض، وأن البناء تم دون إذن أو سند قانوني، بل في فترة كان فيها “قاصرا” ولا يدخل ضمن لائحة المالكين الأصليين.

المراسلة، التي تتسم بلغة إدارية صارمة، اعتبرت أن المنزل وأشجاره تمت معاينتها من قبل لجنة مختلطة، وقدرت قيمتها بـ 88,750.53 درهما (تشمل مبلغا لزوجته)، وهو ما رفضه المعني بالأمر، متهما إدارة المجمع الشريف للفوسفاط بـ”التقليل المتعمد من قيمة المشتملات” وتغييب مبدأ العدالة في تعويضه أسوة بجيرانه الذين حصلوا على مبالغ وصفت بأنها “أكثر إنصافا”.

لكن اللافت في جواب إدارة OCP هو محاولة تحميل والد دهان مسؤولية الاعتراض على تعويض ابنه بشكل فردي، وهو ما يفتح الباب على أسئلة أكبر حول آليات التقييم ومشروعية احتساب “الإرادة الأبوية” في تحديد حقوق ورثة أو قاطنين فعليين.

وأكدت رد الإدارة كذلك بأن العقار نُزع وفق القانون 7.81 وبأن التعويض تم صرفه للمالكين الأصليين سنة 2016، كما أن استمرار استغلال الأرض تم “بتسامح” من المجمع في إطار توافقات شفوية لا تضمن أي حقوق مستقبلية.

وتذهب الإدارة إلى أبعد من ذلك في رفضها لمزاعم تلوث بيئي، معتبرة أن “المنشآت الصناعية لا تُصدر أي مواد ضارة”، وتلمح إلى أن المسكن المعني “لا يُستعمل كإقامة رئيسية”، في إشارة ضمنية إلى التقليل من شأن المطالبات الصحية والبيئية التي استند إليها دهان في مراسلته.

تساؤلات مشروعة..؟

يثير هذا الملف إشكاليات عديدة حول سياسات نزع الملكية والتعويض المعتمدة من قبل OCP في الأقاليم المنجمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بسكان استمروا لعقود في استغلال أراضي أُنزعت من ملكيتهم أو من ذويهم، دون أن تتم تسوية وضعيتهم بشكل عادل وشفاف.

كما تطرح علامات استفهام حول مدى استقلالية اللجان التقييمية، وغياب أي مسطرة تظلم واضحة تسمح للمواطنين بالطعن في تقديرات الإدارة، ناهيك عن الطابع “التحكمي” لبعض القرارات التي تُحمِّل الأسر المسؤولية وتدرج عناصر شخصية في حسم حقوق عقارية.

وفي الوقت الذي تطالب فيه جمعيات حقوقية بفتح حوار حقيقي مع المتضررين، وتوفير ضمانات قانونية للمنصفين، تواصل إدارة المجمع الدفاع عن سياساتها بوصفها “مواطنة”، رغم تعدد الملفات التي تؤكد عكس ذلك ميدانيًا.

فهل سيشكل هذا الملف بداية لمراجعة شاملة لطريقة تعامل المجمع مع الملفات العقارية والحقوق الاجتماعية المرتبطة بها..؟ أم أن سياسة “الصمت والورق الإداري” ستبقى العنوان الأبرز لعلاقة مؤسسة عمومية عملاقة بساكنة محيطها المنجمي.

Copyright © 2024