نجيب مصباح-
أعلنت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) عن تحقيق هدف تغطية 100 في المائة من حاجياتها من المياه اعتمادًا على مصادر غير تقليدية، وذلك ابتداءً من مطلع سنة 2025، في خطوة تعكس التزامها المتواصل بالاستدامة البيئية وتعزيز الصمود المناخي.
وجاء هذا الإعلان على هامش مشاركة المجموعة في أشغال الدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي انعقدت بمقر برنامج الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي، ما بين 8 و12 دجنبر الجاري، تحت شعار: «تعزيز حلول مستدامة من أجل كوكب قادر على الصمود».
وعلى امتداد أسبوع من النقاشات رفيعة المستوى، انضمت مجموعة OCP إلى ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية والهيئات الأكاديمية وفعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص، من أجل تبادل الرؤى حول سبل مواجهة التحديات البيئية العالمية وتعزيز الحلول الجماعية المستدامة.
وساهمت المجموعة بشكل فعّال في النقاشات المرتبطة بمستقبل الأنظمة الغذائية المستدامة، وتدبير التربة والمياه، وحكامة المغذيات، وتقوية المرونة المناخية، مستندة في ذلك إلى خبرتها العلمية وتجربتها الميدانية الواسعة، خاصة في مواكبة صغار الفلاحين بالقارة الإفريقية.
وخلال لقاء رفيع المستوى نُظم تحت شعار «تعزيز الصمود: حلول متعددة الأطراف»، أكدت مريم العسراوي، مديرة الشؤون العالمية بالمجموعة، أن الصمود لم يعد مجرد مفهوم نظري، بل أضحى ضرورة عملية، مشددة على أهمية تطوير حلول منصفة وميسّرة وقائمة على العلم، وقادرة على إحداث أثر ملموس وواسع النطاق على المناخ والتنوع البيولوجي والتنمية الاقتصادية.
وأبرزت العسراوي التحول الذي عرفته المجموعة، التي باتت تعتمد مقاربة يقودها العلم، حيث تشكل الاستدامة رافعة أساسية للابتكار وتعزيز التنافسية، مستعرضة في هذا السياق أبرز التزامات OCP، وفي مقدمتها الانتقال الكامل نحو الطاقة النظيفة بحلول سنة 2027، وتطوير الهيدروجين والأمونياك الأخضرين، فضلاً عن تحقيق الحياد الكربوني الشامل في أفق سنة 2040.
كما كشفت المسؤولة أن المجموعة قامت بتحليل أزيد من 50 مليون هكتار من التربة، وأطلقت برامج تحسيسية لفائدة أكثر من 4 ملايين من صغار الفلاحين، لمواكبتهم في اعتماد ممارسات فلاحية ملائمة للتغيرات المناخية ومحافظة على التنوع البيولوجي. وأضافت أن هذه الجهود مكنت، بشراكة مع فاعلين دوليين، من تعبئة تمويلات وإدماج الفلاحين في أسواق الكربون، بما يغطي حاليًا حوالي 170 ألف هكتار.
وفي السياق ذاته، شاركت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في تنظيم فعالية موازية رفيعة المستوى حول «الابتكار من أجل الصمود المناخي»، بشراكة مع البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة وجمهورية كوستاريكا.
وخلال هذا اللقاء، شدد ليوناردوس فيرغوتز، المدير العلمي لـ«OCP Nutricrops»، على أن التربة تشكل نقطة الانطلاق الأساسية لتعزيز الصمود المناخي، مبرزًا دور الحلول الذكية في مجال المغذيات واستعادة التربة والمقاربات العلمية المخصصة في تقوية صمود الحقول ودعم المجتمعات القروية وتعزيز الأمن الغذائي بدول الجنوب.
من جهته، أكد رشيد فرادي، مدير التعاون والشراكة والتواصل بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن الاستثمار في صحة التربة يُعد أولوية استراتيجية للتكيف مع التغيرات المناخية، ومسارًا فعالًا من حيث التكلفة للتخفيف من آثارها، خاصة عند اقترانه بالاستخدام العلمي والناجع للمغذيات.
وأوضح المسؤول أن المغرب، وبتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يعتمد مقاربة مندمجة تجمع بين الأرض والماء والمغذيات، من خلال الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2035، والمخطط الوطني للماء 2050، والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي، إلى جانب استراتيجية “الجيل الأخضر 2030”.
كما أبرز دور برنامج “المثمر” التابع لمجموعة OCP في إجراء تحاليل واسعة للتربة وتقديم توصيات دقيقة ومخصصة للأسمدة، مساهمًا بذلك في تنزيل التزامات المغرب الدولية، لاسيما القرار الصادر عن الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، ومكرسًا ريادة المملكة الإقليمية في مجال تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية.
وتركزت النقاشات خلال هذه التظاهرات على قضايا الفلاحة المستدامة، واستعادة الأراضي، والتدبير الذكي للمياه، والممارسات الدائرية في مجال المغذيات، ونماذج التمويل المبتكرة بين القطاعين العام والخاص، بما ينسجم مع التوجهات العامة للدورة السابعة للجمعية.
وبفضل مبادراتها الممتدة عبر القارة الإفريقية، من الزراعة الكربونية ورسم الخرائط الواسعة للتربة إلى الفلاحة المتجددة والحلول المخصصة لصحة التربة، جددت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تأكيد دورها المحوري في دعم الانتقال نحو أنظمة فلاحية مستدامة وقادرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ على الصعيد العالمي.
Copyright © 2024