الاتحاد الاشتراكي بخريبكة يُشعل شرارة الرقابة الشعبية ويجدد دماءه التنظيمية

أشرف لكنيزي-

في أجواء سياسية مشحونة، ورسائل تنظيمية حاسمة، احتضن المركب الثقافي محمد السادس بمدينة خريبكة، مساء الأربعاء 9 يوليوز الجاري، فعاليات المؤتمر الإقليمي السابع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تحت شعار “ثروة الإقليم: رافعة اقتصادية ودعامة اجتماعية”، المؤتمر، الذي ترأسه الكاتب الأول للحزب الأستاذ إدريس لشكر، شهد حضوراً وازناً ضم أعضاء المكتب السياسي، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الشبيبة الاتحادية، منظمة النساء الاتحاديات، إلى جانب فعاليات من قطاعات حيوية أبرزها الفوسفاط والتعليم والجماعات المحلية، وحمل رسائل قوية.

لشكر من ملتمس رقابة برلماني .. إلى ملتمس رقابة شعبي ..

في كلمة سياسية وازنة، هاجم الأستاذ إدريس لشكر أداء الحكومة الحالية، متهماً إياها بمحاولات نسف مبادرة ملتمس الرقابة التي تقدم بها الحزب، ومشدداً على أن الرد سيكون بنقل المعركة إلى الشارع، من خلال ملتمس رقابة شعبي يلامس نبض المواطنين وهمومهم اليومية، وأضاف الكاتب الأول “كل المؤتمرات التي نعقدها اليوم عبر جهات المملكة، هي ملتمسات رقابة شعبية تنطلق من تقييم السياسات الوطنية لتصل إلى معاناة المواطن في التعليم، الصحة، الأسعار، البطالة وتردي الخدمات”.

القطاع الصحي في دائرة الخطر.. والخوصصة تهدد الأمن الصحي للمغاربة

وجه لشكر تحذيراً صريحاً مما أسماه مؤامرة ضد المستشفى العمومي، كاشفاً أن 93% من التمويلات الصحية تذهب إلى القطاع الخاص، بينما لا تنال المؤسسات العمومية سوى 7% فقط، وقال بنبرة غضب حادة “أموال دافعي الضرائب يجب أن تذهب إلى من يخدم المواطن لا إلى جيوب لوبيات تغتني على حساب صحته”

وحذر المتحدث في كلمته الافتتاحية، من تحويل الصحة إلى مشروع ريعي بعد استنزاف مجالات أخرى كالعقار، مطالباً الحكومة بكشف أسماء المستفيدين من برامج التمويل كـ “فرصة” و”أوراش”، والتي تسببت – حسب قوله – في اعتقال شباب طموحين بدل تأطيرهم.

تهرب حكومي من المشاريع الجوهرية.. و”اللهطة” تُهدد نزاهة الاستحقاقات

انتقد لشكر التواطؤ الحكومي في إحالة مشاريع قوانين جوهرية، مقابل السرعة في تمرير قوانين هامشية، وخص بالذكر مدونة الأسرة التي دعا الملك محمد السادس لمراجعتها، مستنكراً العبث التشريعي الذي تعيشه المؤسسة البرلمانية.

وأكد أن الحكومة تمارس التغول وتحتقر المؤسسات، مشيراً إلى الصراع داخل مكوناتها الذي يظهر جلياً في غياب التنسيق بين وزرائها، وفي لهجة تحذيرية قال “هناك وزراء تحولوا إلى وكلاء حملات انتخابية، يعينون ويرقّون في المناصب لخدمة أحزابهم، على حساب نزاهة الدولة ومصداقيتها”.

دعوة للاستنفار الحزبي واستعداد لانتخابات 2026

حثّ لشكر مناضلات ومناضلي الحزب على التعبئة والاستعداد المبكر لاستحقاقات 2026، داعياً إلى، الانخراط الواسع للشباب والنساء، والتصدي لمهزلة سماسرة الانتخابات، والدفاع عن الديمقراطية كحصانة للوطن في ظل تحديات اجتماعية واقتصادية عالمية.

قضية الصحراء المغربية .. ومناورات الجيران

استحضر الكاتب الأول في كلمته النجاحات الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، مشدداً على أن المغرب يعيش أمنه واستقراره في وقت تعيش فيه دول أخرى الانقسام والحروب، وقال “رغم مناورات الجزائر وصنيعتها البوليساريو، فإن بلادنا أحرزت مكاسب استراتيجية، والاتحاد الاشتراكي سيظل سنداً للدبلوماسية الرسمية في معركة الوحدة الوطنية”.

عبد الرحيم لعبايد “لا نريد مغرب نخاسة الانتخابات وتجار المال الحرام

المناضل عبد الرحيم لعبايد، الذي نال ثقة المؤتمرات والمؤتمرين، من خلال انتخابه كاتباً إقليمياً جديداً للحزب بالإجماع، مؤكداً في كلمته أن المؤتمر الإقليمي يأتي في إطار دينامية تنظيمية انطلقت منذ شهور وتستعد للمؤتمر الوطني المقرر في أكتوبر 2025.

وقال لعبايد، “لا يمكن أن نبني مغرب المستقبل بأشخاص يراكمون الثروات من المال الفاسد، أو يتاجرون في الأصوات، هؤلاء ليسوا خيار الوطن”، وشدد على أن الديمقراطية الحقيقية هي السلاح الوحيد لمواجهة أزمات الغلاء والبطالة والهشاشة، مطالباً بتطهير المجال الانتخابي من سماسرة المرحلة.

وأضاف عبد الرحيم لعبايد، أن كافة الشروط المحيطة بالإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تبقى غير سليمة وغير صحية، مؤكداً “أن ما نعيشه اليوم ليس إلا امتداداً لحالة اختلال مزمنة، فمن معاناة دامت شهورًا بسبب ظاهرة “الفراقشية”، نجد أنفسنا اليوم أمام ممارسات انتخابية مشبوهة، يتحكم فيها سماسرة ونخّاسة أصوات، باستعمال وسائل تتنافى مع قواعد الديمقراطية”. وأشار إلى أن هذه الانزلاقات لا يمكن أن تخدم مستقبل الوطن، قائلاً “هذا ليس هو المغرب الذي نطمح إليه… لا يمكن بناء مغرب الغد بأشخاص يكنزون الأموال بطرق مشبوهة، كثير منهم من ذوي السوابق في تجارة المخدرات، أو ممن راكموا ثروات مشبوهة ويقبعون في السجون، أو تطاردهم قضايا الفساد”.

وأضاف لعبايد “إن أكبر حصانة لوطننا، في ظل التحولات العالمية الراهنة، هي حصانته الديمقراطية، المبنية على الالتحام حول صاحب الجلالة، وحول بعضنا البعض كمغاربة، من أجل مجابهة التحديات الحقيقية؛ من بطالة، وغلاء معيشة، وهشاشة اجتماعية… ولن يتم ذلك إلا عبر مسارات انتخابية نزيهة، لا عبر صناديق مزيفة وممارسات مشوهة للديمقراطية”.

من جهته، أكد سعيد المسكيني، الكاتب الإقليمي السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي بخريبكة، أن الحياة الوطنية والعامة بحاجة ماسة لحزب الاتحاد الاشتراكي، باعتباره مكوناً محورياً، وفاعلاً أساسياً، ورافضاً حقيقياً للتراجعات الديمقراطية.

وفي إشارة رمزية ذات حمولة نضالية قوية، اعتبر المسكيني أن فقرة التكريم التي تخللت أشغال المؤتمر، تعكس جوهر الاتحاد الاشتراكي، الذي يرى في الذاكرة منطلقاً للمستقبل، وفي الاعتراف بالمناضلين المؤسسين وفاءً للنضال الاتحادي الأصيل، وقال: “لقد كانت التفاتة مستحقة لثلة من الرواد الذين أعطوا الكثير للحزب والوطن دون انتظار مقابل… بصحتهم، ومالهم، ووقتهم، ساهموا في بناء الذات الاتحادية، واليوم يلتف حولهم رفاقهم في لحظة عرفان ورد اعتبار، ومن أبرز المكتسبات التي سجلها هذا المؤتمر، الحضور الشبابي اللافت الذي شكّل نسبة 60% من المؤتمِرات والمؤتمِرين، ما يؤكد أن الاتحاد الاشتراكي يظل، كما كان، جسراً تواصلياً بين الأجيال، ورسالة متجددة من جيل إلى آخر”.

وفي كلمته الختامية لجريدة «التميز ميديا» الالكترونية، هنأ الأستاذ إدريس السالك، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الإقليمي السابع، جميع الاتحاديات والاتحاديين على نجاح أشغال المؤتمر، مشيراً إلى أن هذه المحطة تُعد استحضاراً لتاريخ نضالي عريق لحزب عتيد، قائلاً “نحتفل اليوم بانعقاد المؤتمر السابع بعد مرور خمسين سنة على أول مؤتمر إقليمي للحزب سنة 1975، الذي تعاقب عليه خمسة كتّاب إقليميين، وقد تم تكريمهم اليوم، إلى جانب عدد من المؤسسين الأوائل، الذين رافقوا تجربة الاتحاد منذ نشأته سنة 1953، عندما كان جزءًا من حزب الاستقلال، ثم من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وصولاً إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية… من لا تاريخ له، لا مستقبل له، والاتحاد الاشتراكي له تاريخ حافل ومستقبل واعد.”

وقد شهد هذا المؤتمر، الذي تم خلاله انتخاب المناضل عبد الرحيم لعبايد كاتباً إقليميًا لحزب الاتحاد الاشتراكي بخريبكة، واشرف على تقديم فقراته المتألق زكرياء بنخلفية، تكريم وجوه بارزة من مناضلات ومناضلي الحزب، اعترافاً بالخدمات الجليلة التي قدموها، خاصة الذين تعاقبوا على الكتابة الإقليمية للحزب “محمد نصر الله (1975-1978)، بوشتى الحالي (1978-1985)، عياش المدني(1985-2001)، ادريس السالك (2001-2017)، سعيد المسكيني (2025-2017)“.

Copyright © 2024