أزمة المجزرة تنفجر بخريبكة.. الجزارون يحتجون والمجلس يرمي الكرة في ملعب المقاول

أشرف لكنيزي-
نظّمت جمعية الجزارين وبائعي اللحوم الحمراء بخريبكة، مطلع الأسبوع الجاري، لقاءً تواصلياً احتضنته غرفة التجارة والصناعة والخدمات، خُصِّص لمناقشة مستجدات قطاع اللحوم الحمراء بالمدينة. وتصدّرت أشغال اللقاء قضية المجزرة البلدية، في ظل ما يتداول بشأن إغلاقها المرتقب، رغم تعثّر استكمال بناء المجزرة الجديدة، التي ظلت أوراشها متوقفة منذ سنوات، ما يطرح تساؤلات عديدة حول مصير القطاع ومستقبل مهنييه.

وفي تعليقه على هذا اللقاء، أكد عز الدين البستاني، رئيس جمعية الجزارين وبائعي اللحوم الحمراء بخريبكة، أن هذا الاجتماع التواصلي الذي حضره عدد من المهنيين، من جزارين وسلاخين وبائعي الأحشاء، يأتي في سياق الغموض الذي يكتنف وضعية المجزرة البلدية. وشدد البستاني على أن المهنيين ليست لديهم أية إشكالات مع السلطات المحلية أو الإقليمية، بل مع مجلس جماعة خريبكة، الذي اعتبره مقصّراً في أداء واجبه تجاه هذا القطاع، رغم التزام الحرفيين بأداء واجباتهم. كما عبّر عن استيائه من توقف أشغال المجزرة الجديدة منذ سنة 2017، دون أي تقدم يُذكر أو مؤشرات توحي بقرب انتهاء المشروع.

فيما، أوضح عادل لشهب، الكاتب العام لجمعية الجزارين، أن هذا اللقاء التواصلي انعقد في ظرفية دقيقة يشهد فيها قطاع الجزارة بخريبكة عدة إكراهات، تتصدرها أزمة المجزرة البلدية. واعتبر أن الاجتماع شكّل مناسبة مهمة لإعادة هيكلة الجمعية من الداخل، من خلال تطعيمها بكفاءات شابة جديدة، قادرة على الدفاع عن الحقوق المشروعة للمهنيين، خاصة مع تصاعد الحديث عن إمكانية إغلاق المجزرة الحالية.
وأشار لشهب إلى أن الجمعية سبق لها عقد عدة اجتماعات مع جماعة خريبكة، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تدبير هذا المرفق الحيوي، في ظل التراجع الكبير في خدمات النظافة والنقل المرتبطة به، كما عبّر عن استياء المهنيين من التأخر المفرط في إنجاز المجزرة الجديدة، والتي لم تتجاوز نسبة الأشغال بها 40%، وظلت متوقفة منذ سنة 2023، رغم مرور أكثر من سبع سنوات على انطلاق المشروع.
وأضاف أن اللقاء سعى أيضاً إلى تعزيز الحوار بين مختلف الفاعلين داخل القطاع، وتوحيد الرؤى من أجل مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

من جانبه، عبّر ياسين ولد سعود، أحد الوجوه الشابة التي انضمت إلى المكتب الجديد لجمعية الجزارين، عن تضامنه المطلق مع جميع المهنيين، مؤكداً دعمه لكل الخطوات النضالية التي تعتزم الجمعية خوضها دفاعاً عن حقوق الجزارين. كما شدّد على ضرورة الحفاظ على مناصب الشغل داخل المجزرة البلدية، وعدم ترك المهنيين يواجهون مصيراً غامضاً في ظل الأنباء المتداولة حول إغلاق هذا المرفق الحيوي. ووجّه مهنيو القطاع تساؤلات حارقة إلى المصالح الجماعية بمجلس جماعة خريبكة حول مصير المجزرة الجديدة، متسائلين عمّا إذا كان ما يجري يُعد استمراراً لنهج الإجهاز على هذا المرفق الجماعي الحيوي، وأعربوا عن استيائهم من التداعيات السلبية لهذا الوضع، والذي سيؤدي إلى توقف عدد من المهنيين عن العمل داخل المجزرة، واضطرارهم للجوء إلى مجازر خاصة من أجل ذبح رؤوس الأبقار والأغنام، في غياب رؤية واضحة ومستقبل مضمون لهذا القطاع سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي إطار احترام مبدأ الرأي والرأي الآخر، ربطت جريدة «التميز ميديا» الإلكترونية الاتصال بمجلس جماعة خريبكة، حيث أوضح أحد المتحدثين باسم المجلس أن الإشكال المرتبط بمجزرة خريبكة يعود بالأساس إلى المقاول المكلّف بإنجاز المشروع السكني، الذي تخلّف عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ضمن كناش التحملات الموقع في عهد المجلس السابق، برئاسة الشرقي الغالمي. وكان المشروع يهدف إلى بناء مجزرة جديدة بمواصفات عصرية، غير أن توقف الأشغال من طرف المقاول حال دون استكماله، مما يجعل إغلاق المجزرة الحالية أمراً غير وارد في الوقت الراهن.
وشدد المصدر ذاته على أن أي قرار يهم تحويل نشاط الذبح نحو مجازر خاصة، يجب أن يُدرج ضمن جدول أعمال إحدى دورات المجلس، قصد مناقشته والمصادقة عليه، بتنسيق مع السلطات الإقليمية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA).
وأضاف المصرّح أن المقاول، بعد تعثّره في إنجاز مشروع السكن الاقتصادي، حاول لاحقاً تغيير طبيعة المشروع نحو تجزئة سكنية وتحويل الشقق إلى بقع أرضية، وهو ما اعتُبر خرقاً للمشروع الأصلي المتفق عليه مع الجماعة.
واعتبر المتحدث أن المجلس الجماعي الحالي هو الطرف الأكثر تضرراً من هذا الوضع، إذ حُرم من الاستفادة من مداخيل هذا المرفق الحيوي بسبب النزاع القائم مع المقاول وبعض المهنيين، رغم تخصيص الجماعة لوعاء عقاري جديد مخصص للمجزرة، وبائعي الدواجن، وسوق الحدادة، إلا أن الجمود الحاصل يبقى مرتبطاً بعدم التزام المقاول.

وفي ما يتعلق بنظافة المرفق، أوضح المصدر نفسه، مدعّماً كلامه بعدة صور توصلت بها الجريدة، أن شركة النظافة تتدخل بانتظام لتنظيف المجزرة بعد كل عملية ذبح، مستنكراً في الوقت ذاته بعض التصرفات غير المسؤولة، مثل سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي، ما يؤدي إلى انسدادها وتدهور وضعية النظافة داخل المرفق.
والجدير بالذكر أن مجلس جماعة خريبكة سيعقد اجتماعاً يوم غد الخميس بمقر الجماعة، برئاسة السيد امحمد ازكراني، وبحضور ممثلي جمعية الجزارين وبائعي اللحوم الحمراء، وذلك ابتداءً من الساعة الواحدة بعد الزوال، ويُرتقب أن يشكل هذا اللقاء فرصة لطرح ومناقشة مختلف الحيثيات المرتبطة بملف المجزرة، في أفق إيجاد حلول عملية تُراعي مصالح المهنيين وتحافظ على استمرارية هذا المرفق الحيوي.

Copyright © 2024