التميز ميديا –
في حوار صحفي أنجزه الأستاذ محمد بشكار، مع الأديبة خناتة بنونة وتم نشره مؤخرا على الملحق الثقافي لجديرة العلم في نسختيها الورقية والإلكترونية، روت من خلاله الأديبة خناتة بنونة تفاصيل تكريمها بعاصمة الفوسفاط خريبكة، على هامش الدورة الثامنة، والتي حملت اسمها.
وصرحت خناتة بنونة في بداية مكالمتها الهاتفية «صحيح أنِّي أقاوم الكثير من الأمراض بمساعدة الله أولا ثم الأطباء، ولكن أفظع الأعْطاب تلك التي تتجاوز الجسد بعِللٍ عُضوية، لِتعكِّر بأفعال البشر صَفْو الروح «!.
وعن إنشغال الصحفي محمد بشكار بردها، أضافت ذات المتحدثة: «اصمُت بُني.. لم يكن اللقاء كالوداع، ودَعْ الجُرْح يندمل، فما زال قلبي ينْزف دماً منذ عودتي من مدينة الفوسفاط، سوف أسرُد لك حكاية هذا التكريم كما تُسْرَدُ بلغتنا الدارجة “الخُبِّيْرة”، منذ حوالي ثلاثة أشهر، زارتني في بيتي مشكورةً سيدةّ تقترح تكريمي في هذا المهرجان، وقد وافقتُ بعد إلْحاح شديد لأنِّي مريضة جدّاً، وأخشى أن أموت هناك، فأنا أحبُّ التَّصادي مع جمهور المُدن الصغرى، ومما شجّعني أكثر وزيّن لي الحضور، قول مديرة المهرجان، إنَّ كل أهالي خريبكة ينتظرون بشوق سماع الأديبة والمناضلة خناتة بنونة، لكن هيهات أين هو هذا الكلام، لم يبْق منه سوى لسانٍ أخرس مقطوع..».
وأثار جواب الأديبة علامات إستفهام عند الصحفي محمد بشكار ولذي تساءل بدوره «لم أفهم.. هل أُلغي الإحتفاء، أنتِ في خريبكة ولست في سطات لو افترضنا أن شبح البصري ما زال يُخيِّمُ في الأجواء..؟».
حيث أجابت، «لَمْ يُلْغَ التكريم ولكن صُودِرت كلماتي في حلقي وابتلعتها جافة، أنا التي لم يتجّرأ حتى البصري في أزمنة الرّصاص العصيبة، أن يُوقفني عن مخاطبة الجمهور، لقد غرّتني الأماني الكاذبة، فتوهّمتُ أني بذهابي لهذه المدينة الصغيرة، سأنخرط في حوار مباشر مع قُرّائي من كل الأجيال، حول شؤون الثقافة والأدب وشجون الحياة، فأنا لا أعتبر التكريم مُجرّد أدرعٍ وهدايا وأضواء تنْقشع في صورٍ باسمة، إنما هو فَتْحٌ مُبين لكتاب يَقْرأُ أسْطُره كل ساكنة المدينة..”».
وإختتمت الأديبة خناتة بنونة حوارها مع الصحفي محمد بشكار ب «ذكّرْتَني بعتاب المُتنبي ولو أنّه مُوجَّهٌ لسيف الدولة كافور الإخشيدي، ولكِنَّهُ يصلُح أيضا لمثل هذه المواقف، فهو الذي قال: (يا أعدل الناس إلا في مُعاملتي)، ذكّرتَني والحسْرة تُمزِّق أحشائي، بما يزيد عن مائة تكريم قبل أن تزِلَّ قدمي في هذا الأخير بخريبكة، ذكّرتَني بالكراسي التي طلّقتُها بما فيها كرسي الوزارة، لأني آثرتُ أن أبقى دائما قلماً حُرا يرفض الكلمة المُمْلاة، ولستُ أتعالى مُسْتَعيذةً بالله من كلِّ مُخْتالٍ فخور، إذا قلتُ إنّ بعض تلك الإحْتفاءات كانت على مستوى الدّولة، سواء في المغرب أو خارجه في الدول العربية والأوروبية، وإذا بي اليوم أُمْنَع حتى من حقي في التواصل الثقافي، بل الأدْهى أنْ تُزَف إلى مِنصّة التكريم، بعض الشّخصيات النسائية المُكرّمة ومنهن سفيرة الأردن، بالموسيقى والورود وصفوف المُستقبلين، بينما أُهَمّشُ مع بضعة أنْفار في زاوية القاعة، ولولا أنَّ السّفيرة استدركتِ الموقف دَرْءاً للحَرج، كنتُ سأبقى نسِيّاً منسيّاً في زاويتي، أوَ ليستْ هذه الدّورة تحْمل إسمي، بإثبات المُلْصقُ الذي يحمِلُ صورتي، أم أنِّي استُدعيتُ لأكون مُجرّد خُضار على الطّعام، قُل لي بربِّك أينهم بهذه المُعاملة من جَمال العبارة الشعرية: يا أعْدل الناس إلا في مُعاملتي… !».
Copyright © 2024