حين تتحول رسالة استقالة «سعيد حمار رئيس شركة أفسي خريبكة» إلى غطاء للهروب من المحاسبة

✍️بقلم: نجيب مصباح

في رسالة مطولة مشبعة بالعاطفة، أعلن سعيد حمار رئيس نادي أولمبيك خريبكة لكرة القدم، استقالته عقب السقوط المدوي للفريق إلى قسم الهواة. ورغم ما تضمنته الرسالة من تعبيرات الألم والحسرة، إلا أنها لم ترتقِ إلى ما ينتظره جمهور مدينة بحجم خريبكة من رئيس ناد كان في موقع المسؤولية لحظة الانهيار.

فالرسالة، التي كان من المفترض أن تكون وثيقة مساءلة واعتراف بالقصور، جاءت مليئة بالتبريرات والاتهامات الموجهة للمحيط الخارجي، وكأن الرجل لم يكن طيلة هذه السنة على رأس هرم القرار الرياضي داخل فريق أولمبيك خريبكة، بل مجرد متفرج يعلق من الخارج.

✔️ من المسؤول إذن..؟

لقد تحدث الرئيس عن الضغوط، عن العراقيل، عن غياب الدعم، وعن التحريض الذي مارسه «أبناء المدينة» ضد الفريق. لكنه لم يذكر ولا مرة واحدة ما فعله هو لمواجهة هذه التحديات.

  • أين كانت خططه..؟ كيف واجه سوء التدبير المالي..؟
  • أين كانت شجاعته لحماية الفريق من وكلاء اللاعبين والسماسرة الذين أفسدوا الجو الرياضي..؟
  • لماذا لم يُفعّل المساءلة الداخلية..؟
  • لماذا لم يفتح ملفات الفساد والتأخرات في الأداء..؟
  • وهل الصمت في وجه هذه الانحرافات يُبرأ الذمة أم يُحملها أضعاف ما تُطيق..؟

         💰 غياب الشفافية.. وصمت مريب

كان من الأجدر بسعادة الرئيس، بدل التباكي على تراجع منحة المحتضن الرسمي، أن يقدم للرأي العام معطيات رقمية شفافة: كم بلغت ميزانية الفريق..؟ كيف صُرفت..؟ ما ما مجموع مداخيل الفريق الخريبكي ..؟ وأين ذهبت منح الدعم..؟ لكن الرسالة خلت من كل هذه الأرقام، لتترك انطباعا بأن هناك أشياء أخفيت أو لم يُرَد لها أن تُناقش.

⚠️ فشــــل إداري بنيــــــوي

اعتراف الرئيس بعدم نجاح الانتدابات، ووجود انقسام داخل الشركة الرياضية، وفشل مؤسسة المنخرط، وتخلي بعض اللاعبين… كلها مؤشرات على أن النادي الفوسفاطي لم يكن يعيش أزمة ظرفية، بل فشلا إداريا وهيكليا مركبا. وهذا الفشل يتحمل الرئيس قسطا كبيرا من مسؤوليته، لا سيما أنه اختار الصمت منذ توليه المسؤولية، والاستمرار في نفس النهج، بدل تغيير المسار أو فتح حوار شجاع مع الفاعلين الحقيقيين.

               📉 السقوط كان منتظرا… لكن المحاسبة غائبة

حين يسقط ناد بحجم أولمبيك خريبكة إلى قسم الهواة، فإن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: من حاسب من..؟ وأين هم المتورطون في سوء التسيير..؟ وهل سيتم فتح تحقيق داخلي أو افتحاص مالي شفاف..؟ أما أن تطوى الصفحة برسالة اعتذار شخصية، فذلك لا يعدو أن يكون هروبا ناعما من المحاسبة، وتملصًا من المسؤولية.

     🟢 خاتمة: وداع أم تواطــــــؤ بالصمــــت؟

نعم، لقد غادر الرئيس منصبه فقط في مواقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك. لكن السؤال الأكبر هو: هل فعلا غادر بعد أن أدى مهمته..؟ أم غادر هربا من تبعات السقوط..؟ أم مجرد توهيم الجماهير الغاضبة من النكسة..؟.

الرسالة التي وُجهت لجماهير أولمبيك خريبكة، لا يجب أن تكون نقطة نهاية، بل بداية مساءلة حقيقية، واستعادة لثقة الجمهور في ناد تُرك وحيدا وسط أمواج الفوضى والتدبير المرتجل.

ولأن خريبكة تستحق أكثر، فإن صمت اليوم هو تواطؤ على جريمة رياضية كاملة الأركان.

Copyright © 2024