✍️نجيب مصباح-
في خطوة حاسمة وغير مسبوقة، قرر المجلس الجماعي لمدينة خريبكة إنهاء عقد التسيير المبرم مع شركة FC KHOURIBGA SA، المرتبطة بفريق أولمبيك خريبكة لكرة القدم، بشأن تدبير واستغلال ملاعب القرب الكائنة بتجزئة العيدي على طريق الدار البيضاء. القرار يأتي على خلفية ما وصفه المجلس بـ”الإخلال الجسيم ببنود دفتر التحملات وسوء التدبير“.
منذ البداية، تابعت جريدة «التميّز ميديا» الإلكترونية، عن قرب وعن كثب ملف ملاعب القرب التي وُضعت رهن إشارة فريق أولمبيك خريبكة لكرة القدم، قبل أن تسحب لاحقا من قبل الجهات المختصة، في ظل ما شاب المشروع من عشوائية وسوء تدبير.
وقد أماط هذا الملف اللثام عن اختلالات مالية وشبهات تستدعي وقفة جادة وإعادة التدقيق في مختلف تفاصيله، وفاء لواجب الصحافة في كشف الحقيقة والحقيقة الكاملة وخدمة للصالح العام.
إغلاق احترازي سابق وتنبيهات متكررة
وكانت ملاعب القرب قد أُغلقت بشكل احترازي بتاريخ 28 نونبر 2024، بناء على توصية صادرة عن لجنة التتبع والمراقبة، عقب اجتماع عقدته اللجنة بتاريخ 27 نونبر من نفس السنة. وجّهت اللجنة، حينها، مراسلة رسمية إلى السيد الحبيب لكنوزي، عضو المجلس الإداري لشركة FC KHOURIBGA SA ورئيس جمعية نادي أولمبيك خريبكة، تحت إشراف السيد محمد أهناني باشا المدينة، لإعلامه بقرار الإغلاق المؤقت.
ورغم منح الشركة مهلة قانونية لا تتجاوز عشرة أيام لتسوية وضعيتها القانونية والتنظيمية، فإن الجماعة الحضرية لخريبكة، لم تتوصل بأي من الوثائق المطلوبة، مما عجّل بتفعيل البند العاشر من دفتر التحملات النموذجي، القاضي بفسخ العقد عند الإخلال الجوهري بشروط التدبير.
اجتماع حاســــــم وغياب جهات وازنة
عُقد مساء الخميس 5 دجنبر 2024 اجتماع موسع بمقر الجماعة، ترأسه السيد إدريس كرام، نائب رئيس المجلس الجماعي، بحضور ممثلين عن المصالح الجماعية، السلطة المحلية، مديرية التعليم، وعدد من الأطر التقنية والإدارية. في المقابل، سجل الاجتماع غيابا ملحوظا لممثلين عن المجمع الشريف للفوسفاط وقسم العمل الاجتماعي بعمالة خريبكة، إضافة إلى رؤساء بعض اللجان الدائمة بالمجلس.
وخُصص الاجتماع لاستكمال مناقشة الوضعية التنظيمية والتدبيرية لملاعب القرب الثلاثة، التي سبق أن وضعتها الجماعة رهن إشارة النادي الخريبكي في إطار دعم البنية التحتية الرياضية بالمدينة.
مخالفات جسيمة وثغرات محاسباتية
أفادت لجنة التتبع أن الشركة المعنية لـــم تُدلي بعدد من الوثائق الأساسية، من بينها:
غياب هذه الوثائق، وفق اللجنة، يشكل خرقا صريحا لمضامين دفتر التحملات، ويطرح تساؤلات مشروعة حول مدى شفافية التسيير واستعمال مداخيل هذه المنشآت.
قرار الإنهاء وتداعياته
بناء على هذه المعطيات، أوصت اللجنة بإنهاء مهام شركة FC KHOURIBGA SA في تسيير ملاعب القرب، وهو ما تم اعتماده رسميا من قبل المجلس الجماعي لخريبكة.
القرار يضع مسؤولي فريق أولمبيك خريبكة في وضعية حرجة، خاصة أن ملاعب القرب شكلت مدة ليست بالهينة موردا ماليا مهما للنادي الخريبكي، ومتنفسا رياضيا لفئات واسعة من الشباب.
أسئلة معلّقة ومطالب بالمحاسبة
في ظل توالي أزمات التسيير داخل النادي الخريبكي، يطفو إلى السطح سؤال محوري:
من كان يستفيد فعلا من مداخيل ملاعب القرب..؟ وهل سيفتح تحقيق مالي وإداري لكشف حقيقة الوضع..؟
دعوات متزايدة بدأت تُرفع في الأوساط الرياضية والسياسية والحقوقية، لمطالبة الجهات الوصية بربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان شفافية تسيير الشأن الرياضي المحلي، خاصة حين يتعلق الأمر بمرافق عمومية موجهة أساسا لفائدة ساكنة المدينة.
مآل مداخيل ملاعب القرب.. غموض وتواطؤ محتمل..؟
تطرح هذه التطورات الحاسمة سؤالا ملحا حول الجهة التي كانت تتولى استخلاص مداخيل ملاعب القرب، وبأي طريقة كانت تتم هذه العملية في ظل غياب أي توثيق محاسباتي رسمي..؟ كما أن عدم ضخ هذه المداخيل في الحساب البنكي الخاص بالشركة، كما يفترض قانونيا، يفتح الباب أمام شبهات قوية تتعلق بسوء التدبير، أو ربما اختلاس وتلاعب بالأموال العمومية، خاصة وأن الملاعب كانت تشهد إقبالا كثيفا من مختلف الفئات العمرية، ما يعني أن المداخيل اليومية لم تكن هينة.
وهنــــــا يتساءل الشـــارع الرياضــــي والمواطنون في مدينة خريبكة:
في هذا السياق، تتعالى الأصوات مطالبة بتدخل عاجل للسيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمدينة خريبكة، عاصمة الفوسفاط، لفتح تحقيق قضائي معمق في هذا الملف، قد يطال مسؤولين حاليين وسابقين في النادي وفي الشركة المسيرة. كما يُنتظر أن يتدخل السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بخريبكة، لإعطاء تعليماته للضابطة القضائية المختصة قصد الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية، وحجز الوثائق المالية والتقارير الغائبة، وتتبع مسار المداخيل.
بل وتذهب بعض التحليلات إلى المطالبة بإجراء خبرة مالية قضائية مستقلة على حسابات النادي والشركة، بغية كشف أية تلاعبات أو تحويلات غير مبررة.
وفي خضم هذه الأسئلة العالقة، يظل الرأي العام المحلي والوطني ينتظر إجابات واضحة:
– هل سيتم تفعيل مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” فعلاً..؟
– هل سيتم ترتيب الجزاءات التأديبية والجنائية في حال ثبوت اختلالات مالية..؟
– أم سيظل الملف طي الكتمان كما حدث في ملفات سابقة..؟
– هل سيستمر الصمت الرسمي..؟ أم أن هناك إرادة فعلية لحماية المال العام وإنقاذ ما تبقى من سمعة نادي عريق من حجم فريق أولمبيك خريبكة.
Copyright © 2024