عبد النباوي: لا عدالة دون مكافحة الفساد… ورهان الثقة يبدأ من قاعات القضاء
تجيب مصباح-
أكد السيد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن التصدي للفساد المالي يشكل مؤشراً على قوة إرادة مؤسسات الدولة، ومقياساً لمدى ثقة المواطنين في العدالة ومؤسساتهم، مشدداً على أن محاربة الفساد ورش استراتيجي دائم في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في افتتاح السلسلة الوطنية للتكوين المتخصص في الجرائم المالية، المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وبتعاون مع المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية، وذلك بمقر المعهد العالي للقضاء بالرباط.
وأوضح الرئيس المنتدب أن الجرائم المالية ليست مجرد خروقات قانونية، بل «اعتداء على قيم المجتمع وثقته في مؤسساته»، مشيراً إلى أن مكافحة الفساد تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية، لاسيما تلك الواردة في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش سنة 2016، الذي شدد فيه على أن «محاربة الفساد قضية دولة ومجتمع».
وأضاف عبد النباوي أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية جعل من تعزيز الكفاءة المتخصصة لقضاة الجرائم المالية أولوية استراتيجية، من خلال برامج التكوين المستمر، وتوحيد الرؤى القضائية، وتطوير منهجيات التحليل المالي والقانوني، واستثمار التكنولوجيا الحديثة في التتبع والتحقيق.
كما أشار إلى أنه تم سنة 2023 إحداث بنية إدارية متخصصة داخل قطب القضاء الجنائي تُعنى بتتبع أداء أقسام الجرائم المالية وفق مؤشرات دقيقة للنجاعة والفعالية.
وفي السياق ذاته، ذكّر المسؤول القضائي بمذكرة التفاهم الثلاثية الموقعة في 30 يونيو 2022 بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمجلس الأعلى للحسابات، والتي تروم تعزيز التعاون المؤسساتي وتطوير آليات تبادل المعلومات والتحليل المالي في مجال مكافحة الفساد في التدبير العمومي.
وكشف عبد النباوي أن السنة القضائية المنصرمة سجلت 436 قضية أمام أقسام الجرائم المالية، صدر بشأنها 249 حكماً إلى غاية منتصف سنة 2025 بنسبة إنجاز بلغت 71% داخل الآجال المحددة، وهو ما يعكس – حسب تعبيره – دينامية هذه الأقسام وجودة أدائها رغم تعقيد الملفات وتشابكها.
كما أبرز أن تنفيذ الأحكام الصادرة في قضايا الفساد المالي سيساهم في استرجاع مبالغ مالية هامة لفائدة الخزينة العامة. وثمّن الرئيس المنتدب الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للحسابات في تدقيق الحسابات العمومية، والنيابة العامة في تتبع الدعوى العمومية في قضايا الفساد، مؤكداً أن القضاء المالي يمثل صمام الأمان في منظومة تخليق الحياة العامة، وأن ضمان كفاءته وفعاليته يعد أحد مخرجات الإصلاح القضائي الذي أراده جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
واختتم كلمته بالتنويه بجهود القضاة وموظفي أقسام الجرائم المالية بمختلف محاكم المملكة، مؤكداً أن انطلاق هذه السلسلة التكوينية يشكل محطة جديدة لترسيخ قضاء متخصص وفعال في مواجهة الجرائم المالية، ومناسبة لتبادل الخبرات الوطنية والدولية من أجل بلورة نموذج قضائي مغربي متميز، قائم على الدقة القانونية والصرامة الأخلاقية والنجاعة المؤسساتية.