المغرب يُدشّن عهد العقوبات البديلة: خطوة نحو عدالة أكثر فعالية وإنسانية

نجيب مصباح-
في خطوة رائدة نحو إصلاح السياسة العقابية، احتضن فندق كونراد الهرهورة – الرباط، أشغال اليومين الدراسيين حول العقوبات البديلة، من تنظيم رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، بحضور نخبة من القضاة والمسؤولين القضائيين وممثلي مؤسسات الدولة. وقد شكّل هذا اللقاء مناسبة للإعلان عن جاهزية المغرب لتفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، ابتداءً من 8 غشت المقبل.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن المغرب يُقبل على “ثورة حقيقية في السياسة العقابية”، تسعى إلى تحقيق العدالة بمقاربة أكثر إنصافًا وفعالية. وأضاف أن العقوبات لم تعد تهدف فقط إلى الزجر، بل أصبحت وسيلة لإصلاح السلوك وإعادة الإدماج، مما يجعل العقوبات السالبة للحرية أحيانًا غير مناسبة، خاصة أمام التحديات التي تواجه السجون من اكتظاظ وارتفاع التكاليف وتأثيرات نفسية واجتماعية سلبية.

وأشار المتحدث إلى أن العقوبات البديلة، كأداء الغرامات اليومية أو إنجاز أشغال ذات منفعة عامة أو الخضوع لعلاج الإدمان، أثبتت من خلال تجارب دولية قدرتها على خفض نسب العود إلى الجريمة، مع تقليص التكاليف التي تتحملها الدولة. بل إن بعضها، كما قال، “يوفر للدولة بدل أن يكلفها”.

كما نوه الرئيس المنتدب بانخراط مختلف المؤسسات المعنية في إنجاح هذا الورش الكبير، وعلى رأسها وزارة العدل، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مؤكدا أن نجاح تطبيق القانون الجديد رهين بتعاون كل هذه الأطراف، وباستعداد القضاة لتفعيل العقوبات البديلة كخيار واقعي، وليس رمزي.

وشدد في كلمته على أن العقوبات البديلة لا يجب أن تُفرض إلا في الحالات التي كانت تستوجب أصلًا عقوبة سالبة للحرية، حتى تحافظ على دورها الردعي وتُحقق الغاية التي وضعها المشرع، داعيًا في الوقت نفسه إلى توعية المجتمع بجدواها، لضمان تقبلها كوسيلة عقابية فعالة.

وفي الختام، أعرب عن شكره لرئاسة النيابة العامة ولمجلس أوروبا على هذه المبادرة، ودعا إلى جعل المرحلة المقبلة محطة تقييم وتطوير، من خلال تتبع آثار تطبيق القانون الجديد واستخلاص الدروس لتحسين الأداء القضائي في هذا المجال.

يُذكر أن القانون رقم 43.22، الذي صادق عليه البرلمان المغربي، يُعد من أبرز الإصلاحات في المنظومة الجنائية الوطنية، ويهدف إلى تقليص اللجوء إلى العقوبات السجنية القصيرة، عبر اعتماد بدائل أكثر مرونة وإنسانية وملاءمة للسياق المجتمعي