أشرف لكنيزي-
في مدينة تعرف عالميا بأنها عاصمة الفوسفاط، يئن شباب خريبكة تحت وطأة البطالة والإقصاء، فتدفعهم قسوة الواقع إلى ركوب قوارب الموت، بحثا عن حياة كريمة في الضفة الأخرى، وبين أمواج الغربة وأهوال البحار، فقد بعضهم حياته، ونجا آخرون بشق الأنفس ليجدوا أنفسهم غرباء في أرض جديدة، يبيتون في العراء ويقارعون قساوة الحياة، فقط من أجل فرصة أمل تعيد لهم ولعائلاتهم كرامة مهدورة.
ورغم المسافات، ظل الوطن في قلوبهم، وحلم العودة للاستثمار في مدينتهم لم يفارقهم، فعاد بعضهم حاملا تعب الغربة ليتقاسموه مع مدينتهم، عبر مشاريع عديدة، كتلك التي تراها في المقاهي، والمخابز، وفضاءات الترفيه، والمسابح الخاصة، والتي أنعشت قليلا من نبض خريبكة الباهت.
لكن في قلب هؤلاء المهاجرين جرح أعمق، اسمه «أولمبيك خريبكة»، هذا النادي العريق، الذي ظل الخيط الرفيع الذي يربطهم بمدينتهم، والمتنفس الوحيد لهم في غربتهم، فكم من دمعة ذرفت وهم يتابعون سقوط فارس الفوسفاط على شاشة قناة «الرياضية»، وكم من صرخة ألم وحرقة نشرت في مقاطع فيديو مؤثرة، يندبون فيها حال فريقهم، ويستنكرون بصوت مبحوح تدمير رمزهم وهويتهم، يدعون على من ساهم في اقبار هذا الصرح الكروي العريق.
حيث قرر فصيل ألتراس الأشباح – فرع إيطاليا أن يترجم هذا الوجع إلى موقف، فنظموا وقفة احتجاجية أمام سفارة المغرب بروما، ووجهوا من خلالها رسالة واضحة إلى المكتب الشريف للفوسفاط، مطالبين بعودته كمؤسس حقيقي لأولمبيك خريبكة، باعتباره جزءا لا يتجزأ من ذاكرة المدينة وكرامة سكانها.
هذه الرسالة ليست مجرد نداء، بل امتداد لصوت الآلاف من عشاق لوصيكا في الداخل والخارج، الذين ضاقوا ذرعا بالعشوائية، وطالبوا بإعادة الفريق إلى مساره الطبيعي. فالحب لا يكفي، والتاريخ لا يُكتب بالنوايا، بل بالفعل المخلص والقرار الجريء.
وأضاف أشباح روما في رسالتهم التي تم نشرها على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، “نحن على أعتاب موسم جديد، والفريق يقف على حافة الهاوية، لا مجال لمزيد من الانتظار أو التسويف، الوقت الآن لإعادة الهيكلة الشاملة عبر المكتب الشريف للفوسفاط، حفاظا على هذا الإرث العريق، وعلى تضحيات جالية ما زالت تؤمن بأن أولمبيك خريبكة يستحق أن يعود كما كان: شامخا، مقاتلا، ومصدر فخر لكل خريبكي”.
Copyright © 2024