خريبكة: سليم لواحي
رغم أن خريبكة تُعتبر من الحواضر الكبرى في جهة بني ملال – خنيفرة، بل وتُعد من المدن المغربية ذات الإرث الثقافي العريق، تفاجأ المتتبعون للشأن الثقافي بإقصائها التام من برنامج “شهر التراث” المنظم ما بين 18 أبريل و18 ماي 2025 تحت شعار: “صون وتثمين التراث من أجل تنمية مستدامة”.
البرنامج الذي سطرته المديرية الجهوية للثقافة لم يتضمن أي نشاط ثقافي أو فني أو فكري بخريبكة، وكأن المدينة خالية من التراث أو لا تستحق أن تكون جزءاً من هذا الحدث الوطني. وهو ما يثير تساؤلات عميقة حول جدية القائمين على الشأن الثقافي في تحقيق العدالة المجالية، وحول مدى التزامهم بتفعيل شعار التنمية المستدامة عبر التوزيع العادل للأنشطة بين أقاليم الجهة.
أي منطق للإقصاء؟
خريبكة التي تزخر بفن عبيدات الرمى، وبالقصبات والأسواق القديمة، وبالذاكرة الشعبية المتجذرة في وجدان ساكنتها، كان من المفروض أن تحظى بمكانة محورية ضمن فعاليات هذا الشهر التراثي. غير أن تغييبها الممنهج يكشف عن خلل في الرؤية وتهميش واضح لمقوماتها الثقافية، رغم ما تزخر به من كفاءات فنية وجمعوية قادرة على إنجاح أي نشاط ثقافي.
تناقض بين الشعار والممارسة
الشعار المرفوع يتحدث عن “صون وتثمين التراث من أجل تنمية مستدامة”، غير أن الاستثناء الذي طال خريبكة يُظهر تناقضاً صارخاً بين الشعارات البرّاقة والممارسات الإقصائية التي تؤكد أن التنمية لا تزال انتقائية وخاضعة لحسابات ضيقة.
أين المسؤولية؟
إن المسؤولية تقع على عاتق المديرية الجهوية التي مطالبة بإعادة النظر في طرق إعداد برامجها، والإنصات لصوت كل المدن بدون تمييز. كما تقع أيضاً على المجتمع المدني المحلي المطالب بالتحرك ورفع الصوت عالياً لوقف هذا النوع من التهميش.
خلاصة لابد منها :
إقصاء خريبكة من برنامج شهر التراث ليس مجرد خطأ عابر، بل هو تجلٍّ واضح لسياسات ثقافية غير عادلة تكرس الفوارق بين مدن الجهة، وتضرب بعرض الحائط كل المبادئ التي يتغنى بها الخطاب الرسمي.
Copyright © 2024