ماذا بعد أزمة الشاطو ..؟

✍️ نادية هيو

انتهت الليلة الأخيرة من اعتصام “بوعبيد” ، والوقائع أصبحت معروفة ومُتداولة بالصوت والصورة، لكن الأهم الآن ليس إعادة سرد ما جرى، بل التأمل فيما حدث، واستخلاص الدروس التي يمكن أن تمنع تكرار مثل هذه الكوارث.

👈 حوار غائب… وثمنه كان باهظ :
أول ما تكشفه هذه الحادثة هو غياب الحوار الحقيقي بين المواطن والإدارة ، وهو ما أكده جلالة الملك في خطاب 2018 ..
بوعبيد لم يطالب بأكثر من فتح تحقيق في وفاة والده المتقاعد العسكري.
وبدل أن يُفتح باب التواصل المباشر والجاد معه منذ البداية، تُرك ليصعد إلى سطح “الشاطو”، يُحدّث الصمت طيلة أسبوعين … حتى انفجر.

لم يكن ما يطلبه مستحيلاً، لكنه اصطدم بجدار الصمت .. ألم يكن يكفي أن نجعل بوعبيد يشعر أن مطلبه أخد بالجدية المطلوبة ونريه أن التحقيق قد فتح ؟ ألم يكن يكفي أن نتحاور مع بوعبيد ونقنعه بالأدلة أن شكوكه غير صحيحة ؟
وعندما يتأخر الإنصات، تتحول المطالب إلى تصعيد… والتصعيد إلى مأساة.

👈الاحتجاج مشروع، لكن التأطير واجب :
ما قام به بوعبيد من اعتصام سلمي في البداية يدخل ضمن الحق المشروع في التعبير عن الرأي.
لكن غياب التأطير النفسي والاجتماعي، وترك شخص في حالة اضطراب لوحده، فوق خزان مياه، لأكثر من أسبوعين… كان خطأ فادحًا.

الدولة القوية هي التي تحتوي الغضب قبل أن ينفجر، لا التي تتدخل فقط بعد الكارثة.

👈 أين الصحة النفسية من كل هذا..؟
واحد من أخطر ما كشفته هذه الأزمة هو هشاشة التعامل مع الحالات النفسية.
بوعبيد، على الأرجح، لم يكن في حالة نفسية سليمة، وكان بحاجة إلى تقييم ودعم، لا إلى تهميش ومراقبة عن بُعد.

في عالم يعيش ضغوطاً متزايدة، الصحة النفسية ليست ترفًا… بل مسألة أمن اجتماعي.

👈 متى نُنصت قبل أن ننفعل..؟
من السهل اليوم لوم بوعبيد، أو تحميل المسؤولية للسلطات، أو مهاجمة “الظروف”.
لكن الحقيقة أعمق من ذلك…
ما وقع هو نتيجة فشل جماعي في التواصل، في الإنصات، في التقدير السليم للموقف، وفي التعامل المبكر مع الإنذارات الأولى.

👈 الدرس الحقيقي: ثقافة الحوار قبل ثقافة الأمن :
الرسالة الأهم من “أزمة الشاطو” ليست أمنية، ولا سياسية… بل ثقافية.
ثقافة تقول:

الإنصات للمواطن لا يُضعف الدولة .. والحوار لا يعني الخضوع، بل هو أكبر أدوات الحكمة..
والتعامل مع الأزمات يبدأ بالقرب من الناس، لا بالأسوار الأمنية.بوعبيد اليوم مجرم لا محالة .. لكن هل كان ممكنا أن نتفادى جرمه ؟

✅ إذا أردنا أن نحمي هذا الوطن من مآسي جديدة، فعلينا أن نستثمر في بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، لا فقط في نشر الدوريات.

Copyright © 2024