✍ أشرف لكنيزي
في زمن الأزمات، يظهر الرجال، وتكشف المؤسسات عن معادنها، لكن في خريبكة، حيث كانت لوصيكا رمزًا للاستقرار والتدبير الرصين، والاحتراف قبل اعتماده من الجهاز الوصي عن كرة القدم، أصبح اليوم النادي العريق عنوانًا للتسيب، والتراجع، والانقسام، وسط صمت مريب للمسؤولين، وانهيار تام لمؤسسة كان يُفترض أن تكون صمام الأمان “مؤسسة المنخرط”.
لم تَعُد جماهير لوصيكا، تحتمل الوضع، لذلك اختار فصيل إلتراس غرين غوست لغة ناضجة وواعية في التعبير عن استيائه، بعيدًا عن الشعارات العشوائية، فقد تبنى خطابًا يدعو بوضوح إلى عودة المجمع الشريف للفوسفاط للإشراف الفعلي والمباشر على الفريق، وليس الاكتفاء بالدعم المالي الرمزي.
رسائل الغرين غوست، عبر اللافتات أو البلاغات، لم تكن فقط موجهة للإدارة، بل أيضًا للمسؤولين المحليين، وللرأي العام الوطني، مفادها أن الفريق يُدار بمنطق الارتجال، وأنه لا يمكن أن ينهض بدون تدخل حقيقي من المؤسسة التي أنجبته OCP.
يرتبط نادي أولمبيك خريبكة تاريخيًا بالمجمع الشريف للفوسفاط، فالمؤسسة الرائدة عالميا في مجال الفوسفاط، لم تُساهم فقط في تأسيس الفريق، بل وفرت له لسنوات مقومات النجاح الرياضي والإداري، ومع انسحابها التدريجي من التسيير، دخل النادي مرحلة من التيه، طبعها غياب الرؤية، وتوالي رؤساء بلا مشروع، ومدربين بلا نتائج.
المطالب اليوم ليست فئوية أو عاطفية، بل واقعية، فإذا كان لـ OCP يدعم قطاعات عدة بمدينة خريبكة، من الثقافة إلى الرياضة، فإن النادي الذي يحمل اسمه ويُعتبر أحد أوجهه التاريخية، أولى بالاهتمام، والإشراف المباشر.
في كل أندية العالم، المنخرط هو الفاعل الأول في القرارات الكبرى، ينتخب الرئيس، يصادق على التقارير، يراقب المال العام، ويدافع عن النادي كأنما يدافع عن اسمه وهويته، أما في أولمبيك خريبكة، فقد تحوّلت مؤسسة المنخرط إلى جسد ميت، بلا فعل، بلا صوت، بلا مسؤولية.
منخرطون كثر لا يُعرفون لا بانتمائهم للنادي ولا بكفاءاتهم، ظهروا فجأة، تاهوا في الظل، وصمتوا حين احترقت سفينة الفريق، وغابت المواقف، ولم تُصدر المؤسسة أي بلاغ يعكس نبض الأزمة أو يقترح حلولًا، ما عدا بعض الأصوات القليلة، وباتت الجموع العامة أشبه بجلسات صورية تُمرر فيها قرارات جاهزة، في غياب أي نقاش جدي أو اعتراض مسؤول، بل الأخطر من ذلك أن البعض حوّل الانخراط إلى استثمار ربحي، يفتح الأبواب للصفقات، والامتيازات، والارتباطات المشبوهة، بينما يظل الفريق في قاع الترتيب، يتلقى الصفعات داخل الملعب وخارجه.
حدد نادي أولمبيك خريبكة مبلغ الانخراط السنوي في 3500 درهم، المبلغ يُفترض أن ترتفع قيمته، حتى يُصفّي المنخرطين من المتطفلين، لكن للأسف، هذا الرقم أداة لاحتكار القرار من طرف قلة قليلة، تتحكم في مصير النادي وفق مصالحها الخاصة.
فارس الفوسفاط لا يموت، لكنّ بعض المنخرطين شاركوا في دفنه، لذلك حان الوقت لتصحيح المسار والالتفاف حول المطلب الجماهيري الداعي لعودة إدارة المجمع الشريف للفوسفاط للإشراف الفعلي على الفريق، فالـ OCP إن أراد حقًا ردّ الدين للمدينة، فليبدأ من هنا… من الفريق الذي صنع تاريخه الكروي، ونبض جماهيره التي لا تستسلم.
Copyright © 2024