محمد الطالبي-
ليس ما يُحضَّر اليوم لمهنة الصحافة مجرّد اجتهاد قانوني عابر أو محاولة تنظيم إداري روتيني، بل هو فعل قانوني ومالي متكامل يروم اغتيال الصحافة وإسكات الشهود على ما يُدبَّر لهذا الوطن من طمس للحقيقة وتكميم للأفواه.
إن الصحافة، رغم ما تعانيه، تبقى آخر جدار يحمي التعددية السياسية والفكرية، وآخر حصن للديمقراطية في هذا البلد. لذلك، فإن استهدافها بهذا الشكل الممنهج ليس بريئاً، بل يدخل في إطار مخطط أوسع لقتل الوعي، وتزييف الواقع، وتمهيد الطريق أمام سلطة الصوت الواحد والمشهد المعلَّب.
أما العرّاب، الذي ارتضى لنفسه أن يكون أداةً للانتقام من وطنٍ منحه كل شيء – الأرض والهوية، والفرص والامتيازات – فسيكتب التاريخ اسمه على هامش الخزي والعار. من استفاد من خيرات الوطن ثم خانه، لا يملك لا الشرعية الأخلاقية ولا السياسية ليبني مؤسسات “تنظيمية” على أنقاض الحقيقة.
أما من اختاروا العبودية، وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مجرد أصداء لأسيادهم، يرددون ما يُملى عليهم دون خجل أو ضمير، فنقول لهم: صه! صه! لستم سوى مرتزقة مأجورين، باعوا الكلمة والكرامة بثمن بخس، وانتهوا أدواتٍ رخيصة في يد من يسعون لإخراس صوت هذا الوطن.
إن المعركة اليوم لم تعد مهنية فقط، بل هي معركة وطنية بامتياز. المعركة دفاع عن كرامة وطن، عن تعدديته، عن حق شعبه في إعلام حر ومستقل.
ولذلك، فإنك – أيها الصحفي الحر – لست فقط شاهدًا على ما يحدث، بل أنت أيضًا آخر خط في معركة الوعي والنضال
Copyright © 2024