بقلم: النقيب البصراوي علال
قرار المحكمة الدستورية رقم255/25 في شأن مشروع قانون المسطرة المدنية يثير لدي عددا من الملاحظات اهمها:
-الملاحظة الاولى: يمكن القول ان القرار اطاح كليا بمشروع قانون المسطرة المدنية وانهى امكانية اخراجه بشكل سوي من طرف هذه الحكومة وذلك لسببين:
1-ان عدد المواد التي اعتبرتها المحكمة غير دستورية كبير(36 مادة).
وبالنظر الى طبيعة قانون المسطرة المدنية ، وكون نصوصها كلها مرتبطة ببعض، فان المواد 36 المذكورة لها تاثير على عشرات المواد الاخرى.
2-ان المحكمة صرحت في ديباجة قرارها(الفقرة المتعلقة بالاحالة) انها “في اطار مراقبتها لدستورية هذا القانون تراءى لها ان تثير فقط المواد التي بدت لها بشكل جلي وبين انها غير مطابقة للدستور او مخالفة له” اي انها بثت فقط في المواد البادية مخالفتها وعدم مطابقتها للدستور بشكل واضح ومن النظرة الاولى. وهذا يعني ان التعمق في الامر يكشف مواد اخرى سيكون لها نفس المصير.
واكدت المحكمة نفس الملاحظة في منطوقها حين قالت : “لهذه الاسباب، ومن غير حاجة لفحص دستورية باقي مواد ومقتضيات القانون المحال، تقضي بان…”
وهذا كله يعني ان المحكمة اعتمدت باناقة قانونية عالية قول الفقهاء” يكفي من القلادة ماحاط بالعنق” اي دون اطالة او كثير تعمق ، اجهزت على المشروع قانونا في مفاصله الاساسية التي لم تحترم الدستور، وتحديدا تلك المتعلقة بفصل السلط ، الاختصاص، حقوق الدفاع ، الامن القضائي ، احترام مجال القانون.
واذا تذكرنا ان المشروع اطيح به في السنة الاخيرة من عمر الحكومة، والتي يمكن اعتبارها بعد خطاب العرش، حكومة تصريف اعمال، فانه من الصعب اصلاح اعطاب المشروع بعد فتح النقاش بصدده مرة اخرى وادراجه في الاجندة التشريعية (اذا ارادت احترام روح قرار المحكمة الدستورية) فالزمن السياسي والتشريعي لن يسعفها.
-الملاحظة الثانية:
حين اختلفت كثير من الجهات والفعاليات مع السيد وزير العدل في شان المشروع، كنا طرحنا انذاك امكانية احالته على المحكمة الدستورية ،بعد المسطرة التشريعية، من طرف المعارضة البرلمانية، والتي تتوفر على هذه الامكانية(79 نائب برلماني ، الفصل 132).
لكن للاسف تم الاجهاز على هذه الامكانية، و تركت للاغلبية التي قامت بالامر عن طريق رئيس مجلس النواب، في منطق غريب: الاغلبية تاتي بالمشاريع وتصادق عليها بما لها من اغلبية عددية ثم تطعن فيها هي نفسها امام المحكمة الدستورية ، اذ الاحالة نوع من الطعن .!! لماذا لم تقم المعارضة بدورها في الاحالة؟؟؟
-الملاحظة الثالثة:
المشروع المصرح بعدم دستوريته كان موضوع اتفاق بين وزير العدل وجمعية هيئات المحامين بالمغرب. وجاء قرار المحكمة الدستورية ليطيح بالمشروع وبذلك الاتفاق ، ليتضح جليا مصير هذه الاتفاقات التي تتم دون تشاركية حقيقية.
اذ كيف يتم الاتفاق على مقتضيات تضرب بشكل واضح ومباشر حقوق الدفاع في المواد 17-84-90-107 ..؟
ان ماحصل يذكر المحامين لامحالة بما يحدث في شان مشروع قانون المهنة.
Copyright © 2024