ضرورة احالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية

بقلم: النقيب البصراوي علال

بخصوص امكانية احالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية من طرف احد رئيسي مجلسي البرلمان،
اعتقد يجب وضعه في اطاره الاشكالي العام في المغرب. ذلك ان المنظومة القانونية والقضائية المغربية تعاني منذ سنوات طويلة من ضعف الرقابة الدستورية على القوانين بشكل عام، وعن طريق الاحالة بشكل خاص.
اذ انه منذ بدء العمل بالقضاء الدستوري بالمغرب سنة 1963 عن طريق الغرفة الدستورية بالمجلس الاعلى (من 1963 الى 1994) وعن طريق المجلس الدستوري(من1994 الى2017) وعن طريق المحكمة الدستورية من 2017 الى اليوم، لا يوجد الا 20 قرارا كلها صدرت عن طريق الاحالة من رئيس الحكومة(الوزير الاول سابقا)
او النواب البرلمانيين، باسثتناء القرار الصادر هذا الاسبوع الذي صدر بعد احالة من رئيس مجلس النواب ، والتي كسرت هذا الجمود الذي عمر ازيد من 60 سنة من عمر القضاء الدستوري المغربي.
وهذا يعني ان المغرب توفر مبكرا على قضاء دستوري لكنه لم يتمكن من ممارسة دوره في الرقابة القبلية على دستورية القوانين بسبب ضعف ممارسة مكنة الاحالة عليه من طرف الجهات التي خولها الدستور ذلك.وهي ستة حسب الفصل 132من الدستور: الملك ورئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان وخمس اعضاء مجلس النواب و40 عضوا من مجلس المستشارين. علما بان الملك(رئيس الدولة) لايمارس هذه المكنة عادة في كل الدول.
امام هذا الوضع فان القوانين تصدر وتدخل حيز التنفيذ دون رقابة دستورية، اي دون تطهير دستوري. وهو مايجعل كثيرا من القوانين المطبقة تحمل شبهة عدم الدستورية.
والاخطر ان هذا الوضع يستمر في ظل دستور 2011 الذي ضم 60 فصلا متعلقا بشكل مباشر بالحقوق والحريات شاملة لجميع المجالات. ولا نعرف لحد الان هل يتم احترامها في القوانين التي تصدر ام لا مادام القضاء الدستوري لم يمارس رقابته على تلك القوانين، بسبب عدم الاحالة، وتاخر صدور القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعد الدستورية.
وان هذا الوضع يزعج ليس فقط الحقوقيين بل حتى المؤسسات. واحيل هنا على المحاضرة الشهيرة التى القاها السيد رئيس المحكمة الدستورية الاستاذ محمد امين بن عبدالله السنة الماضية بكلية الحقوق اكدال، حيث وجه نقدا عالي المستوى لرئيسي مجلسي البرلمان على عدم احالة القوانين على المحكمة الدستورية(ولعل احالة رئيس مجلس النواب مشروع قانون م م اخيرا جاء تفاعلا مع ذلك)
حيث اشتكى من ضعف ممارسة المحكمة لاختصاصها في الرقابة الدستورية القبلية، الذي قال انه نادر ولا يكاد يذكر مقارنة بباقي الاختصاصات ، ومقارنة بباقي الدول.
ولعل من اهم القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات ،قانون المسطرة الجنائية. لذلك وجب احالة مشروعها على المحكمة الدستورية لفحص دستوريته، خاصة امام النقاش الواسع الذي عرفه المشروع ، والذي شاركت فيه فعاليات ومؤسسات عدة. وحسما للاختلاف حوله، فان الوسيلة المتاحة اليوم هي احالته على المحكمة الدستورية من طرف احد رئيسي مجلسي البرلمان.
ولكن الاولى ان يتم ذلك من طرف المعارضة البرلمانية التي تتوفر على النصاب اللازم لذلك. اذ من غير المفهوم ان تتقدم المعارضة بتعديلات ويتم رفضها ولا تتابع ترافعها ودفاعها عن مقترحاتها امام المحكمة الدستورية، وان تاتي الاغلبية بمشاريع القوانين وترفض تعديلات المعارضة، وتمررها باغلبيتها، ثم تحيلها هي نفسها على المحكمة الدستورية عن طريق رئيسي المجلسين حتى وان كان ذلك متاح دستوريا.

Copyright © 2024