“بيرمي الموتور”.. قرار صائب بتوقيت خاطئ..؟

بقلم: نور الدين الزوبدي

لا يخفى على أحد أن تهور بعض سائقي الدراجات النارية، خاصة بعد التعديلات الخطيرة التي تطال محركاتها، أصبح من الأسباب الرئيسية لارتفاع حوادث السير في بلادنا. هذه الدراجات المعدلة باتت تسير بسرعات لا تتناسب مع بنيتها ولا مع الطرقات، ما جعل الحوادث المرتبطة بها في ازدياد مستمر ومقلق.

لكن السؤال الحقيقي هو: هل فرض رخصة السياقة على سائقي الدراجات النارية هو الحل الأنسب..؟
وهل الإجراءات المعلنة كافية فعلاً للحد من هذه الحوادث؟ أم أن القرار جاء دون دراسة واقعية لأوضاع المواطنين، وخاصة أولئك الذين تعتبر الدراجة النارية وسيلتهم الوحيدة للعمل والتنقل؟

القرار سيمس فئات واسعة من الشعب، فالدراجة النارية ليست مجرد وسيلة نقل، بل أصبحت مصدر رزق لآلاف المواطنين، من ضمنهم الباعة الجائلون وعمال التوصيل وغيرهم. وبالتالي، فإن فرض رخصة السياقة عليهم سيشكل عبئاً مالياً وزمنياً كبيراً، في وقت يعيش فيه المواطن البسيط أزمة معيشية خانقة، بالكاد يقدر على تأمين قوت يومه.

بدلاً من هذا التنزيل الفجائي والمتسرع، كان من المفروض اعتماد التدرج في التطبيق، مع إعفاء المستغلين المهنيين من تكاليف التكوين والرخصة، أو على الأقل تقديم دعم مالي مباشر أو برامج تسهيل مرافقة.
كما أن محاربة الظاهرة لا تبدأ من المواطن فقط، بل يجب أن تطال أيضاً من يسمح باستيراد هذا النوع من الدراجات المعدّلة، ومن يتغاضى عن الورشات التي تعبث بمحركاتها، والتي تنفلت من الرقابة.

المواطن لا يجب أن يؤدي ثمن قرارات مرتجلة لم تُصغَ بعناية.
وإذا كان الهدف هو السلامة الطرقية، فإن الطريق إلى ذلك يمر عبر مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي للفئات المتضررة، لا عبر قرارات فوقية ترهق من لا قدرة له على الاحتمال.

Copyright © 2024