فاجعة أولاد عبدون.. حوض الموت يكشف شبكة اختلالات قانونية واجتماعية تهدد حياة العمال وكرامتهم

أشرف لكنيزي-
أعادت فاجعة غرق خمسة أشخاص داخل حوض مائي ضخم بضيعة فلاحية بجماعة أولاد عبدون، إقليم خريبكة، فتح ملف الاختلالات القانونية والبيئية والاجتماعية التي تمسّ حياة العاملات والعمال القرويين، وتضع المنظومة الرقابية برمتها أمام مساءلة صارمة، فقد انتقلت مصلحة الدرك البيئي، رفقة عناصر المركز القضائي للدرك الملكي، إلى موقع الحادث في إطار البحث المنجز تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لاستكمال التحقيقات المتعلقة بما بات يُعرف إعلامياً بـ“فاجعة دوار اسعد”.

الحوض الذي يفوق طوله 80 متراً وعمقه أزيد من ثلاثة أمتار، يطرح تساؤلات جوهرية حول الوضعية القانونية للمنشأة والبنايات المحيطة بها، ويضاعف من حجم الأسئلة المقلقة هل تحترم هذه البنيات القانون؟ هل حصلت فعلاً على التراخيص اللازمة؟ وإن لم يكن الأمر كذلك، فأين كانت أعين الرقابة؟ وكيف تُترك مثل هذه المخالفات الخطيرة قائمة في غياب أي تدخل؟

لكن المأساة لا تتوقف عند حدود الحادث نفسه، فالضحايا الخمسة، الذين قضوا داخل “حوض الموت”، كانوا يشتغلون لدى صاحب الضيعة لسنوات طويلة، وهو ما يطرح سؤال عريض حول تسجيل العمال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتغطية التأمينية لحوادث الشغل، ما يكشف هشاشة وضعيتهم الاجتماعية، وغياب أبسط شروط الحماية والكرامة، هذه المعطيات تضع اليد على جرح عميق يعاني منه آلاف العمال القرويين، الذين ما زالوا خارج منظومة الحقوق الاجتماعية والقانونية.

وتكشف الفاجعة عن أزمة مركبة تتجاوز الإهمال اللحظي، لتطرح إشكالات عميقة مرتبطة بضعف الحكامة والرقابة، واستمرار ممارسات غير قانونية في استغلال الموارد الطبيعية، بما في ذلك احتمال وجود آبار غير مرخصة تغذي الحوض، هذا الواقع يهدد استدامة الفرشة المائية، ويثير تساؤلات جدية حول احترام قواعد حماية البيئة والموارد الطبيعية.

إن ما جرى في أولاد عبدون ليس مجرد حادث عرضي، بل صرخة مدوية تُحذّر من هشاشة المنظومة التي يُفترض أن تحمي الإنسان والبيئة معاً، إنها دعوة لإعادة النظر في طرق استغلال الأراضي، وتحسين شروط عمل العمال، وتشديد الرقابة على المنشآت المائية والفلاحية، حتى لا يتكرر هذا المشهد المأساوي الذي دفع ثمنه خمسة مواطنين فقدوا حياتهم في صمت مؤلم.

الفاجعة اليوم تضع الجميع أمام مسؤولياته السلطات، أرباب الضيعات، أجهزة الرقابة، والمشرّع. لأن حماية حياة الناس ليست امتيازاً… بل واجب لا يحتمل التأجيل.

Copyright © 2024