
أشرف لكنيزي-
في سياق الدينامية التنموية التي يشهدها إقليم خريبكة، وعملاً بالتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى اعتماد مقاربات تشاركية في إعداد السياسات العمومية الترابية، رفع النائب الأول لرئيس جماعة بوجنيبة، نبيل الهنادي، ملفاً تنموياً شاملاً إلى السيد عامل الإقليم، يتضمن رؤية متكاملة لإقلاع محلي جديد يقوم على أربعة محاور كبرى: التشغيل والتنمية الاقتصادية، تعزيز الخدمات الاجتماعية، التدبير المستدام للموارد المائية، والتأهيل الترابي المندمج.
اللقاء التشاوري الذي عقده عامل الإقليم مع ممثلي بوجنيبة شكّل، وفق مضمون المراسلة، لحظة مفصلية لإعادة تقييم حاجيات المدينة، ورصد معيقات التنمية الترابية، وخاصة تلك المرتبطة بالتحوّلات الصناعية المتسارعة التي يعرفها المحور الفوسفاطي خريبكة–الجرف الأصفر. ويبدو واضحاً من خلال المقترحات أن جماعة بوجنيبة تراهن على تحويل موقعها الجغرافي، وإرثها المرتبط بالصناعة الفوسفاطية، إلى رافعة لتوليد مشاريع مهيكلة تستهدف تحسين جودة العيش وتعزيز الفرص الاقتصادية.
وضم المحور الأول: التشغيل والتنمية الاقتصادية، من خلال تأهيل المنطقة الصناعية ودعم الشباب المقاول، ويشير الملف إلى أن منطقة الأنشطة الاقتصادية ببوجنيبة، التي أنشئت قبل أكثر من عشر سنوات، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، رغم تخصيص العديد من البقع للشباب. تعثّر الاستغلال يعود أساساً إلى ضعف البنية التحتية التقنية والبيئية، الروائح المنبعثة من قنوات الصرف المتقادمة، غياب سور وقائي وتنظيم صارم للمداخل، عدم وفاء بعض الشركاء بالتزاماتهم، ما أبقى جزءاً مهماً من البقع غير مستغل.
ويقترح الهنادي إعادة تأهيل الفضاء بالكامل، عبر تبسيط مساطر الاستفادة، وإحداث منصة رقمية لربط الشباب المقاول بمركز دعم المقاولات، بهدف خلق دينامية اقتصادية حقيقية داخل المدينة.
مع إحياء النشاط التجاري بالشارع الرئيسي يمر، وفق المقترح، عبر إنشاء فضاء تجاري تضامني يضم حوالي 60 محلاً عصرياً، مخصصاً للتعاونيات، النساء في وضعية هشاشة، والشباب الحاملين للمشاريع. المشروع يهدف إلى خلق فرص شغل جديدة، تحريك الحركة التجارية وسط المدينة، توفير مداخيل قارة للجماعة.
كما يقترح الملف إحداث مركز تكوين إقليمي ببوجنيبة يشمل الفندقة والسياحة، مهن السيارات والإلكتروميكانيك، المهن التربوية والاجتماعية، المركز يقوم على نموذج يجمع النظري بالتطبيق، مع شراكات مع القطاع الصناعي والفندقي، بهدف خلق جسر مباشر بين التكوين وسوق الشغل.
ولتخفيف الضغط التجاري واحتواء النمو الديمغرافي بالحي، يقترح المشروع إحداث سوق نموذجي على مساحة تقارب 600 متر مربع، مع تأهيل المساحة الخضراء المحيطة به، في توازن بين الوظيفة التجارية والبعد البيئي، لإعطاء الحي هوية عمرانية منظمة.
فيما ضم المحور الثاني: الخدمات الاجتماعية – التعليم والصحة، تحويل مدرسة “الميتريز” إلى فرع لثانوية التميز الملف يصف وضعية المدرسة، التابعة سابقاً لـ OCP، بأنها “بناية مهجورة رغم مؤهلاتها الكبيرة”. ويقترح تحويلها إلى فرع لثانوية التميز ببنكرير، تخصصاته تقنية وعلمية مرتبطة بالصناعة الفوسفاطية، بهدف إلى توفير تعليم عالي الجودة داخل المدينة، ربط التعليم مباشرة بفرص الشغل المحلية، إعادة إحياء مؤسسة تعليمية تاريخية عبر تجهيزات عصرية ومختبرات حديثة.
تحويل ثانوية الداخلة إلى ثانوية تقنية متعددة الشُعب المقترح يهدف إلى فتح شعب علمية وتقنية وفنية جديدة، وإطلاق مسارات BTS في تخصصات حيوية، مع استغلال المساحات الشاغرة لإحداث مختبرات وورشات وتجهيزات حديثة. الهدف هو تحويل المؤسسة إلى قطب تعليمي إقليمي يخدم بوجنيبة والمناطق المحيطة.
تعزيز خدمات مستوصف بوجنيبة، يقرّ الملف بوجود “خصاص حاد” بالمستوصف، الذي لا يتجاوز طابقاً واحداً وطبيبين فقط، مقابل معدل يفوق 30 ألف نسمة. ويقترح إضافة أطباء اختصاصيين أسبوعياً، تجهيز الطابق الأول للاستشفاء المؤقت، إحداث وحدة للأم والطفل، فتح مستعجلات ليلية لتخفيف الضغط عن مستشفى الحسن الثاني بخريبكة.
احداث مركز جهوي لعلاجات الفم والأسنان بشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن
المركز سيقدم فحوصات، علاجاً تحفظياً، جراحة الفم والأسنان، خدمات للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى مختبر لأطقم الأسنان ووحدة للأشعة. المشروع يهدف إلى سد الخصاص الكبير في طب الأسنان، تخفيف الضغط عن المؤسسات الإقليمية، خلق فضاء تكويني للأطر الشبه طبية.
المحور الثالث يعم التدبير المستدام للموارد المائية، إخراج محطة معالجة المياه العادمة إلى حيز التنفيذ المشروع ممول من OCP ووزارة الداخلية والجماعة ومجلس الجهة، لكنه ظل متعثراً. ويقترح الملف تسريع الدراسة وإزالة العراقيل، تمكين المدينة من أكثر من 3 ملايين متر مكعب من المياه المعالجة سنوياً، استعمالها للسقي، وللأغراض البلدية، وللاستعمالات الصناعية، المشروع يعدّ خطوة أساسية للحد من التلوث وضمان أمن مائي مستدام.
ربط بوجنيبة بشبكة المياه المحلاة (J2K) الملف يقترح إدراج المدينة ضمن شبكة التزويد بالمياه المحلاة المرتبطة بمحور خريبكة–الجرف الأصفر، بما يضمن تغطية مستقرة لحاجيات السكان، تقليص الضغط على الفرشة المائية، تعزيز البنية البيئية الحضرية عبر تزويد الحدائق والمرافق بالمياه المعالجة.
الملف الذي رفعه النائب الأول لرئيس جماعة بوجنيبة لا يكتفي بعرض حاجيات المدينة، بل يقدم خريطة طريق عملية ومتكاملة تعتمد مقاربة تشاركية بين الجماعة والسلطات الإقليمية وشركاء التنمية، خاصة المكتب الشريف للفوسفاط والمبادرة الوطنية.
ورغم أن بعض المشاريع الواردة ظلت مؤجلة لسنوات، إلا أن إعادة طرحها ضمن رؤية مندمجة قد يشكّل فرصة عملية لإعادة الاعتبار لمدينة بوجنيبة، وتعزيز موقعها داخل الإقليم، وتمكين ساكنتها من خدمات وفرص تليق بتطلعاتهم.
Copyright © 2024