✍️ نجيب مصباح-
أكد السيد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن الجريمة المنظمة العابرة للحدود تشكل تحديًا حقيقيا يهدد أمن واستقرار الدول والمجتمعات، داعيا إلى تعزيز التعاون القضائي الدولي وتحديث الآليات القانونية والتقنية لمواجهتها بفعالية.
جاء ذلك خلال افتتاح أشغال ندوة دولية هامة، خصصت لموضوع الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بحضور مسؤولين قضائيين وخبراء ومختصين من داخل المغرب وخارجه، حيث أبرز السيد البلاوي في كلمته الافتتاحية أن هذا النوع من الجريمة لم يعد يعترف بالحدود الجغرافية، مستفيدا من التطور التكنولوجي وانتشار النزاعات وضعف أنظمة إنفاذ القانون في بعض المناطق.
وأوضح رئيس النيابة العامة أن 83% من سكان العالم يعيشون في دول تسجل معدلات مرتفعة للجريمة المنظمة، وفق تقرير المؤشر العالمي لسنة 2023، مقابل 79% سنة 2021، مما يعكس تسارع وتيرة انتشار هذه الظاهرة الخطيرة.
كما حذر من استفادة العصابات الإجرامية من الطفرة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي، ومن استخدام العملات المشفرة لإخفاء العائدات غير المشروعة، إلى جانب استغلال مناطق النزاع لتمويل الإرهاب وترويج المخدرات وتهريب البشر.
وفي هذا السياق، أشار السيد البلاوي إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الجريمة المنظمة تُقدر بـ 290 مليار دولار سنويا، بحسب بيانات البنك الدولي، في حين تمثل الجرائم المالية المرتبطة بها نحو 5% من الناتج الداخلي الخام العالمي، ما يستدعي استجابة دولية منسقة وأكثر فعالية.
وذكّر المتحدث باتفاقية باليرمو الأممية لعام 2000، باعتبارها الإطار القانوني الدولي المرجعي في هذا المجال، إلى جانب بروتوكولاتها المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين، والاتجار غير المشروع في الأسلحة.
وفيما يخص الجهود الوطنية، شدد رئيس النيابة العامة على أن المغرب جعل من التصدي للجريمة المنظمة أولوية كبرى ضمن تنفيذ السياسة الجنائية، مشيرًا إلى توجيه تعليمات لقضاة النيابة العامة لتعزيز الملاحقة القضائية للجرائم المرتبطة بالعصابات الدولية، وفي مقدمتها الاتجار بالبشر، وغسل الأموال، والجرائم الإلكترونية.
وفيما يتعلق بالتعاون القضائي الدولي، كشف السيد البلاوي أن النيابات العامة بالمملكة توصلت خلال سنة 2024 بـ 320 إنابة قضائية دولية من 35 دولة، بزيادة 23% عن السنة السابقة، إلى جانب إصدار السلطات القضائية المغربية لـ 90 طلب تسليم إلى نظرائها بالخارج.
وخلص المسؤول القضائي إلى أن مواجهة هذه الظاهرة العالمية تستوجب تضافر الجهود، وتبادل الخبرات، وتحديث التشريعات، وتطوير مهارات القضاة وأجهزة إنفاذ القانون، بما يُمكّن من الكشف عن هذه الشبكات، وتفكيكها، وتجفيف منابع تمويلها.
وختم السيد هشام البلاوي كلمته بالتأكيد على التزام رئاسة النيابة العامة بالانخراط الفعال في كل المبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون والتنسيق الدولي، دفاعا عن أمن المجتمعات وصونا لسيادة القانون.
Copyright © 2024