التميز ميديا:
في قلب خريبكة، المدينة التي باتت قبلة للثقافة والفكر العربي، تواصلت صباح يوم أمس الثلاثاء 5 غشت، الجاري، فعاليات الدورة التاسعة لملتقى الثقافة العربية، المنظم احتفاء بالذكرى الـ 26 لعيد العرش المجيد، حيث خُصصت الجلسة الثانية من الندوة الدولية لمساءلة تجربة أكثر من ربع قرن من مسيرة التنمية والتحديث، تحت شعار “العبقرية الملكية.. إنجازات وآفاق”.
وقد احتضنت الخزانة الوسائطية (م.ش.ف) هذا الموعد الفكري البارز، الذي جمع نخبة من الأكاديميين والباحثين، وسير أشغاله الدكتور أشرف سليم، في تناغم بين الرؤية الملكية الراسخة والمقاربات الفكرية المتنوعة.
استهل الدكتور رضوان نحال الجلسة بمداخلة تحليلية حول “التنمية البشرية في خطاب مؤسسات المجتمع المدني”، تناول فيها مقاربة لسانية قائمة على نظرية النحو الوظيفي، مسلطًا الضوء على كيفيات إنتاج الخطاب التنموي وتوجيهه للرأي العام.
تلاه الدكتور عبد الحكيم السمراني بمداخلة موسومة بـ “المقاومة في الشعر المغربي”، استعرض من خلالها التقاطع بين الإبداع الشعري والدفاع عن الهوية الثقافية، في معركة متواصلة من أجل الوحدة الترابية.
أما الأستاذ عبد العظيم أنفلوس، فقد أبحر بالحضور في قراءة تأصيلية لربع قرن من الإصلاح الديني، من خلال ورقته البحثية التي حملت عنوان “تعزيز الاعتدال ومكافحة التطرف”، مُبرزا موقع المغرب كنموذج استثنائي في المنطقة.
واختُتمت الجلسة بمداخلة وازنة للدكتورة شهيدة العزوزي، بعنوان “المدرسة المغربية وأثرها في بناء الهوية الوطنية”، مشددة على دور المدرسة كمؤسسة للتنشئة الفكرية، والضامن الأول لتحصين الأجيال ضد التفكك والهشاشة القيمية.
اللقاء الفكري لم يكن فقط مناسبة لطرح أفكار وازنة، بل تحوّل إلى منصة للنقاش الحر والمثمر، حيث تفاعل الحضور – من طلبة وباحثين ومهتمين – بكثير من الحماسة، عبر أسئلة نقدية ووجهات نظر عمّقت النقاش.
ومن أبرز لحظات اللقاء، تكريم الكاتب والصحفي الجزائري هشام عبود، الذي عبر عن فخره بالمشاركة في هذا الفضاء الثقافي، مشيدًا بدور المغرب في ترسيخ قيم الحوار والانفتاح، ومعبّرا عن حبه الكبير لهذا البلد، وقد تم بالمناسبة توزيع شواهد تقديرية على عدد من الفعاليات الثقافية والإعلامية المشاركة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدورة الحالية من الملتقى، المنظمة تحت شعار “ربع قرن من مشاريع التنمية وأوراش التحديث والإشعاع العالمي”، تُقام بدعم عدد من الشركاء، من ضمنهم المجمع الشريف للفوسفاط (Act4Community)، المديرية الجهوية لوزارة الثقافة، عمالة إقليم خريبكة، مجلس جهة بني ملال–خنيفرة، جماعة خريبكة، والخزانة الوسائطية (م ش ف).
كما تعرف هذه الدورة فقرات موازية غنية، من بينها توقيع إصدارات فكرية، عرض فيلم سينمائي، لقاء حول السينما والذاكرة الوطنية، معرض تشكيلي جماعي، وأمسيات شعرية موسيقية، لتواصل خريبكة بذلك رسم ملامح مدينة تعشق الفكر… وتعيش على نبض الثقافة.
Copyright © 2024