حين تتحول الصورة إلى استهداف مباشر : لماذا زج باسم والي سوس ماسة في ملف لا علاقة له به

✍️ عصام أمكار 

من اللافت أن يتناول مقال صحفي ملفاً عقارياً مثيرًا للجدل، ثم يُرفق بصورة السيد والي جهة سوس ماسة سعيد أمزازي، وكأن الرجل طرف في الوقائع التي جرت قبل توليه مهامه بفترة طويلة، هذا المقال يطرح علامات استفهام جوهرية حول دوافع الزج بصورة شخصية عمومية وطنية مشهود لها بالكفاءة والمسؤولية في سياق لا علاقة له بها زمنياً أو موضوعياً .

السيد سعيد أمزازي لم يُعيّن والياً على جهة سوس ماسة إلا في أكتوبر 2023، في حين يمتد ملف العقار موضوع المقال بين 2017 و2023، أي قبل إشرافه على تسيير ولاية  الجهة، إن تجاهل هذا الإطار الزمني الحاسم يثير التساؤل حول مدى دقة التحقق الصحفي، ويضع احتمالًا قويًا لوضع صورته بشكل متعمد لإضفاء بُعد إثاري على المقال، على حساب الحقائق والوقائع الموضوعية .

من الأهمية بمكان التذكير بأن القضية تعود إلى تراب عمالة إنزكان أيت ملول، وهي كيان إداري مستقل، يرأسه عامل مسؤول عن التدبير المحلي وشؤون التعمير والتفويتات العقارية ضمن اختصاصاته، أما والي الجهة فدوره – وفق دستور المملكة والقوانين التنظيمية – يتمحور حول التنسيق والإشراف الاستراتيجي على مستوى الجهة بكاملها، وضمان انسجام السياسات العمومية بين مختلف المصالح اللاممركزة، دون التدخل في تدبير شؤون كل عمالة أو إقليم على حدة، إن الخلط بين اختصاصات الوالي والعامل يُعد مغالطة مهنية جسيمة تضرب في صميم مصداقية الجريدة صاحبة المقال .

ويعزز هذا الموقف ما تنص عليه القوانين التنظيمية رقم 111.14 و112.14؛ حيث يؤكد القانون التنظيمي المتعلق بالجهات أن الوالي مسؤول عن تنفيذ السياسات العمومية على مستوى الجهة وتنسيق مصالحها، دون التدخل في القرارات المحلية لكل عمالة أو إقليم، بالمقابل يحدد القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم اختصاص العامل في ممارسة السلطة التنفيذية داخل مجاله الترابي، بما يشمل ملفات التعمير والتفويتات العقارية . هذه القاعدة القانونية الواضحة تبرئ والي الجهة سعيد أمزازي من أي ارتباط مباشر بملف عقاري محلي، وتضع حدوداً صارمة لما يمكن أن يُنسب إليه .

ويجدر التذكير بأن الوالي بحكم القانون يمارس اختصاصات استراتيجية تشمل تمثيل السلطة المركزية على مستوى الجهة، متابعة تنفيذ السياسات المندمجة، تنسيق العمل بين العمالات والأقاليم، والإشراف على الأوراش الملكية الكبرى، أما العامل فهو المخول بالقرارات المحلية، بما فيها التفويتات العقارية و التراخيص، ومن هذا المنطلق، فإن محاولة ربط اسم والي الجهة بقضية حدثت في تراب عمالة إنزݣان أيت ملول، قضية لا علاقة لها بصلاحياته أو بتدخله المباشر، تبدو غير مبررة، وتشكل استهدافاً لشخصية معروفة بكفاءتها ومصداقيتها، مثل هذا الربط يخل بمبادئ المهنية الإعلامية، ويمس بصورة المسؤولين الذين يعملون بجد لخدمة المواطنين وتنمية مناطقهم .

إن إدراج صورة الوالي في هذا السياق يؤدي إلى تقويض مصداقية العمل الصحفي، وتحويل النقاش العام من محور الحكامة العقارية إلى استهداف شخصي، بما يخلق انطباعًا خاطئًا لدى القارئ عن ضلوعه في وقائع لم يكن طرفاً فيها ولا علاقة له بها على الإطلاق .

ولا يمكن تجاهل المسار المهني المتميز لسعيد أمزازي، من أستاذ جامعي إلى عميد إلى رئيس جامعة إلى وزير وناطق باسم الحكومة، وصولاً إلى والي جهة سوس ماسة، مما يجعل استغلال اسمه أو صورته في غير محلها، لأغراض إثارة أمراً غير مقبول أخلاقياً ومهنياً .

إن الإنصاف والموضوعية تقتضيان توجيه الأسئلة والاهتمام إلى الأطراف المعنية بالملف، أي الشركات والمؤسسات التي قامت بعمليات التفويت وإعادة البيع، وليس إقحام والي الجهة في المعادلة بشكل فاضح، فالصحافة المسؤولة تلتزم الدقة والوضوح والموضوعية، وتفصل بين الحقيقة والإثارة، بين المسؤوليات الحقيقية والارتباطات الزائفة .

اليوم يتولى والي سوس ماسة ملفات استراتيجية ومشاريع كبرى تتعلق بالتنمية الجهوية، دعم الاستثمار، ومواكبة الأوراش الملكية المهيكلة، وهذه الملفات هي وحدها التي تستحق أن تُرفق بصورته، لا ملفات محلية سابقة لتعيينه لا تربطه بها أية علاقة قانونية أو إدارية .

لذلك، فإن وضع صورة والي جهة سوس ماسة في مثل هذا النوع من الأخبار يعد إخلالاً جسيماً بأخلاقيات المهنة، واستهدافاً غير مبرر لشخصية عمومية تعمل في خدمة الصالح العام، والإنصاف يفرض إعادة الاعتبار للحقائق كما هي، بعيداً عن أي توظيف مغلوط للصور أو الأسماء .

Copyright © 2024