
نجيب مصباح-
وجه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق، انتقادات لاذعة للتعديلات الأخيرة التي طالت قانون المسطرة الجنائية، معتبراً أن بعض فصولها تمثل تهديداً مباشراً للمحاكمة العادلة والحريات الفردية، وتهيئ المجال أمام الإفلات من المحاسبة في قضايا الفساد.
وخلال ندوة بالدار البيضاء، وصف الرميد تقييد صلاحيات النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في جرائم الفساد بأنه “جريمة تشريعية” بامتياز، مشيراً إلى أن القانون الجديد يشترط الحصول على تقارير مسبقة من مؤسسات أخرى قبل تحريك الدعوى، وهو ما اعتبره تحصيناً للفساد وسداً للطرق أمام العدالة.
كما حذر الوزير السابق من أن القانون الجديد يضعف ضمانات الخصوصية والحريات الفردية، بعدما منح الوكيل العام للملك ضباط الشرطة القضائية صلاحية استخدام وسائل تقنية لتحديد المواقع والتقاط الصور داخل الأماكن الخاصة، بما في ذلك مقار الشركات ووسائل النقل، بمجرد إصدار مقرر كتابي معلل، فيما كان القانون السابق يتطلب إذناً قضائياً مسبقاً حتى للتنصت على المكالمات الهاتفية الأقل حساسية.
ولم يغفل الرميد الإشارة إلى ما وصفه بـ “الفجوة الخطيرة في حماية المعتقلين أثناء البحث أمام الشرطة القضائية”، مستنكراً تأجيل تطبيق مقتضيات التسجيل السمعي البصري الإلزامي لاستجواب المتهمين لمدة خمس سنوات، واصفاً هذا الإجراء بـ “ضحك على الذقون” وتهديداً مباشراً لحقوق المعتقلين، ما قد يجعل المغرب عرضة للانتقاد الدولي لعدم ضمان حقوقه في مكافحة التعذيب والإكراه.
كما أعرب الرميد عن استغرابه لعدم عرض القانون على المحكمة الدستورية، رغم وجود خروقات واضحة لمبادئ الدستور، محذراً من أن هذا التراجع التشريعي قد يعرّض المغرب لنقد قانوني وحقوقي داخلي ودولي.
وأكد الوزير السابق أن هذه التعديلات ليست تغييرات شكلية، بل تمثل خطوة نحو إضعاف دور القضاء في مكافحة الفساد وتعزيز العدالة، داعياً إلى إعادة النظر العاجلة في القانون قبل أن تتحول التجاوزات إلى واقع مؤسسي يصعب التراجع عنه.
Copyright © 2024