
أشرف لكنيزي-
كرّست المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، موقعها المتقدم على خريطة الأمن الدولي، وذلك باحتضان مدينة مراكش، خلال الفترة الممتدة من 24 إلى 27 نونبر 2025، أشغال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (أنتربول)، بمشاركة وازنة لوزراء ورؤساء أجهزة أمنية يمثلون 181 دولة عضواً.
ويُعد هذا الحدث الأمني العالمي، الأكبر من نوعه على مستوى قادة إنفاذ القانون، تتويجاً للمصداقية والثقة التي تحظى بها المؤسسات الأمنية المغربية، بالنظر إلى خبرتها المتراكمة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وكذا لانخراطها الفعال في آليات التعاون الأمني الإقليمي والدولي.
وعلى مدى أربعة أيام، احتضن فضاء “حدائق المنارة” – الذي أعدّته المديرية العامة للأمن الوطني خصيصاً لهذا الحدث – جلسات عامة وورشات متخصصة ناقشت أبرز التحديات الأمنية الراهنة، من بينها تفكيك شبكات الجريمة المنظمة العابرة للدول، ومحاربة مراكز الاحتيال الدولية، وتعزيز القدرات الشرطية العالمية، إضافة إلى دعم حضور المرأة داخل الأجهزة الأمنية.
كما تميزت دورة مراكش بتقييم نتائج المشروع التجريبي لـ“النشرة الفضية”، التي تدرس منظمة الأنتربول تعميم العمل بها مستقبلاً، إلى جانب دعم مسار المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، فضلاً عن انتخاب رئيس جديد للمنظمة وثلاثة أعضاء جدد باللجنة التنفيذية.
دينامية لقاءات ثنائية وشراكات موسعة
وعلى هامش أشغال الجمعية العامة، أجرى المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني أكثر من 43 اجتماعاً ثنائياً، بطلب من وفود دولية وإقليمية، همّت تقييم التعاون المشترك، وتبادل الخبرات، وفتح آفاق جديدة للشراكات الأمنية.
وشملت هذه اللقاءات مسؤولين أمنيين من أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث تم التباحث بشأن ملفات ذات اهتمام مشترك، في مقدمتها مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، والجرائم السيبرانية، وتعزيز الكفاءات الشرطية. كما أجرى المسؤول الأمني المغربي مشاورات مكثفة مع رئيس منظمة الأنتربول وأمينها العام وأعضاء لجنتها التنفيذية، إلى جانب قيادات أمنية دولية، من بينها جهاز الشرطة التابع للأمم المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي.
وقد تُوّجت هذه اللقاءات بتوقيع مذكرتي تفاهم مع الشرطة الوطنية النرويجية والشرطة الفيدرالية الإثيوبية، تروم تعزيز التعاون العملياتي والاستخباراتي، وتطوير القدرات في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والعنيفة.
توشيحات دولية واعتراف أممي بالدور المغربي
تقديراً لإسهاماته في دعم الأمن والسلم الدوليين، جرى توشيح المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بوسام الأنتربول من الطبقة العليا، كما حظي خلال سنة 2025 بعدة أوسمة رفيعة، من بينها الصليب الأكبر للاستحقاق للحرس المدني الإسباني، ووسام جوقة الشرف الفرنسي من درجة ضابط، ووسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى.
مؤشرات رقمية تعكس فعالية التعاون
وعلى المستوى العملياتي، عالج قطب التعاون الأمني الدولي ما يقارب 8000 ملف وطلب معلومات خلال سنة 2025، تصدّرها التعاون مع إسبانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة. كما مكّن التعاون عبر المكتب المركزي الوطني (أنتربول الرباط) من معالجة آلاف القضايا، وحجز مئات المركبات المسروقة دولياً، وتوقيف عشرات الأشخاص المبحوث عنهم دولياً، إلى جانب تنفيذ مساطر التسليم والاسترداد وفق القوانين الجاري بها العمل.
وتؤكد هذه المعطيات، في مجملها، أن احتضان المغرب للدورة 93 للجمعية العامة للأنتربول لم يكن مجرد حدث تنظيمي، بل محطة مفصلية كرّست الثقة الدولية في النموذج الأمني المغربي، ورسّخت مكانته كشريك موثوق وفاعل في منظومة الأمن العالمي.
Copyright © 2024