أشرف لكنيزي-
واصلت المديرية العامة للأمن الوطني خلال سنة 2025 تنزيل تصور متكامل للتواصل الأمني، يقوم على الانفتاح المرفقي، وترسيخ نموذج شرطة القرب، وتعزيز قنوات التفاعل مع المواطنات والمواطنين ووسائل الإعلام، انطلاقاً من قناعة مؤسساتية مفادها أن الأمن لم يعد مجرد تدخل ميداني، بل بناءٌ مشترك للثقة والشعور بالطمأنينة.
هذا التوجه لم يكن شعاراً نظرياً، بل تُرجم إلى إجراءات عملية ومبادرات تواصلية متقدمة، عكست تحوّلاً نوعياً في فلسفة العمل الأمني، قوامه جعل المواطن في صلب الخدمة العمومية الشرطية، وملاءمة الاستراتيجيات الأمنية مع انتظارات المجتمع وتطلعاته الحقيقية.
تنويع أدوات التواصل وترسيخ الإنتاج المشترك للأمن
تميزت سنة 2025 بتنويع مستويات التواصل الأمني، واعتماد مقاربات تشاركية أكثر انفتاحاً مع الفاعلين المؤسساتيين وهيئات المجتمع المدني، في أفق تنزيل مفهوم “الإنتاج المشترك للأمن”، الذي يجعل من الوقاية والتواصل والتحسيس ركائز أساسية إلى جانب الزجر القانوني.
وفي هذا الإطار، شكل تنظيم النسخة السادسة من تظاهرة الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بمدينة الجديدة، ما بين 17 و21 ماي 2025، محطة فارقة في تاريخ التواصل الأمني بالمغرب. فقد استقطبت التظاهرة حوالي مليونين و400 ألف زائر، محققة رقماً قياسياً غير مسبوق، ومؤكدة حجم الاهتمام المجتمعي بالمؤسسة الأمنية.
وشهدت هذه الدورة مشاركة واسعة لتلاميذ 1916 مؤسسة تعليمية، وممثلي حوالي 1500 جمعية مدنية، إلى جانب اعتماد 187 وسيلة إعلامية، أنجزت ما مجموعه 1256 مادة إعلامية. كما تجاوز صدى التظاهرة الفضاء المادي، إذ حقق البث الرقمي لفعالياتها عبر المنصات الرسمية للأمن الوطني أكثر من 29 مليون مشاهدة.
تواصل دولي وإشعاع إعلامي خلال محطة الإنتربول
وعلى المستوى الدولي، شكل احتضان مدينة مراكش للدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول (24–27 نونبر 2025) فرصة لتعزيز التواصل الأمني المؤسساتي مع الإعلام الوطني والدولي، حيث تم اعتماد أكثر من 200 صحفية وصحفي، وإنجاز أزيد من 600 روبورتاج، مع مواكبة رقمية شاملة عززت صورة المغرب كفاعل أمني موثوق دولياً.
أرقام تعكس دينامية الإخبار والشفافية
في سياق تدعيم الحق في المعلومة، أنجزت مصالح التواصل الأمني خلال سنة 2025 ما مجموعه 6862 نشاطاً إعلامياً، شملت:
•1973 بلاغاً وخبراً صحفياً
•4386 روبورتاجاً صحفياً
•503 محتويات رقمية
•29 بيان حقيقة وتكذيباً
وسُجل تراجع ملموس في الأخبار الزائفة المرتبطة بالشعور بالأمن، حيث انخفض عدد بيانات التكذيب من 40 سنة 2024 إلى 29 فقط سنة 2025، بفضل التفاعل الإيجابي للمواطنين عبر منصة “إبلاغ” واعتماد مقاربة تواصلية استباقية وشفافة.
اليقظة الرقمية والتصدي للمحتويات العنيفة
رصدت مصالح اليقظة المعلوماتية 260 محتوى عنيفاً أو يوثق لأفعال إجرامية على شبكات التواصل الاجتماعي، جرى التعامل معها تقنياً وقضائياً، مع مواكبة إعلامية هدفت إلى تنوير الرأي العام وتحصين الإحساس بالأمن، بدل ترك المجال للإشاعة والتضخيم.
حضور رقمي متنامٍ وتفاعل مجتمعي واسع
عرفت الحسابات الرسمية للأمن الوطني على مواقع التواصل الاجتماعي نمواً لافتاً، إذ بلغ عدد المنخرطين 1.268.153 متابعاً، موزعين بين:
•إكس (تويتر سابقاً): 512.523
•فايسبوك: 502.280
•إنستغرام: 253.350
وتم نشر 503 محتويات رقمية خلال السنة، دعمت التواصل المباشر والآني مع الرأي العام.
تحصين الوسط المدرسي وبناء الوعي المبكر
وفي إطار المقاربة الوقائية، استأنفت مصالح الأمن الوطني برنامجها التحسيسي بالوسط المدرسي، حيث استفاد 109.934 تلميذة وتلميذاً من حملات التوعية خلال النصف الأول من الموسم الدراسي، شملت 1961 مؤسسة تعليمية، مع تطوير الحقيبة البيداغوجية الخاصة بمخاطر الجنوح وسوء استعمال الأنظمة المعلوماتية.
كما تم عقد لقاءات تشاورية مع 317 جمعية وهيئة غير حكومية، وتنشيط أكثر من 22 منتدى للتوجيه المدرسي والمهني، للتعريف بالمهن الشرطية وشروط الالتحاق بها.
الأمن الوطني… مؤسسة مواطنة في وجدان الأجيال
وخلال سنة 2025، استقبلت مصالح الأمن 97 طفلاً وطفلة في زيارات ميدانية لمرافق الشرطة، كما عرفت أروقة الأمن الوطني في معارض ثقافية ورياضية كمعرض الكتاب ومعرض الفرس إقبالاً لافتاً من الأطفال واليافعين، في مؤشر دال على ترسخ صورة المؤسسة الأمنية كمرفق مواطن قريب من المجتمع.
وتكشف حصيلة سنة 2025 أن التواصل الأمني لم يعد وظيفة ثانوية، بل أداة استراتيجية لتدعيم شرطة القرب، وتعزيز الانفتاح المرفقي، وترسيخ الإحساس بالأمن. نموذج يقوم على الشفافية، والوقاية، والتفاعل، ويؤسس لعلاقة جديدة بين المواطن والمؤسسة الأمنية، عنوانها الثقة والشراكة والمسؤولية المشتركة.